آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 4:17 م

دور القطاع الخاص ودور صندوق الاستثمارات العامة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 «6»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

تبرز قضية“المزاحمة”عند تناول النشاط الاستثماري للجهات الحكومية أو المؤسسات الممولة حكومياً أو التي تستثمر أموالاً حكومية. فما هي المزاحمة؟

هي ظاهرة تنشط عندما تؤدي الزيادة في الضخ الاستثماري للأموال الحكومية إلى نقص في الضخ الاستثماري للقطاع الخاص. بسبب أن تكلفة رأس المال أعلى - إجمالاً - على القطاع الخاص منها على الحكومة، فالقطاع الخاص لن يكون أبداً في موضع يستطيع منافسة الحكومة للحصول على تمويل بتكلفة أقل؛ والسبب أن مخاطر الإقراض للحكومة هي الأقل دون منازع.

هناك نوعان من المزاحمة؛ مالية وحقيقية. المالية هي المزاحمة على موارد التمويل، بحيث يصبح من المكلف على القطاع الخاص الاقتراض، بسبب اقبال الجهات الحكومية على الاقتراض من السوق المحلية. أما المزاحمة الحقيقية فهي أن ينافس إنفاق الجهات الحكومية إنفاق القطاع الخاص لاستقطاب الموارد مثل العمالة ورأس المال، مما يزيد من تكلفة هذه الموارد وبالتالي يحدد من قدرة القطاع الخاص على استقطابها، وبالتالي انتاج السلع والخدمات. وهكذا، فالمزاحمة مضرة بالاقتصاد، من منطلق أنها تحد قدرة القطاع الخاص على الاستثمار، وبالتالي تحد من توسعه في انتاج السلع والخدمات، ومن ثمة تقلص فرص نموه.

هذا عموماً، وعموماً كذلك توجد عوامل تؤثر على حدة مزاحمة المال الحكومي للقطاع الخاص، وهي: كثافة الاقتراض الحكومي تزيد من المزاحمة، السياسة النقدية الضيقة بطبيعتها ترفع سعر الفائدة وبالتالي تزيد من المزاحمة، الوضع الاقتصادي إن كان في متباطيء أو ضعيف النمو فإن ذلك يقلل من المزاحمة.

عملياً، هل يعني تفادي المزاحمة إخلاء الساحة الاقتصادية للقطاع الخاص، فلا تستثمر أموال الحكومة والجهات التابعة لها «سواء من فوائض الخزانة العامة أو المقترضة»؟ ليس بالإمكان فعل ذلك، لكن للحد من المزاحمة يمكن اتباع سياسات تخفيفية: «1» الحد من اقتراض الحكومة للأموال لإتاحتها للقطاع الخاص، «2» توسيع السياسة النقدية «خفض سعر الفائدة» بما يخفض تكلفة رأس المال، «3» تقديم حوافز مالية للقطاع الخاص لاستقطاب استثماراته حتى في حال ارتفاع تكلفة رأس المال والعمالة.

ومن المناسب بيان أن هذه السياسات تطبقها العديد من الدول إما حالياً أو في الماضي، فمثلاً لدى فرنسا برنامجاً يسمى“قروض أقل من سعر الفائدة”، ويشترط البرنامج تمويل تقنيات ومعدات متقدمة، وأن تستخدم في فرنسا لإنتاج سلع فرنسية ولتوظيف فرنسيين، وأجل القرض خمس سنوات، وسعر الفائدة قد يصل إلى صفر، وقد بدأ البرنامج في العام 1993، وأنفقت عليه فرنسا 20 مليار يورو حتى الآن، ولا يزال نشطاً فقد دعم قروضاً قيمتها 3,1 مليار يورو في العام الماضي 2022. «يتبع»

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى