آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 8:57 ص

إنها فرصة مواتية

المهندس أمير الصالح *

الأغلب من الناس يتخذون أصدقاء أوفياء وأخلاء أصفياء لهم باختلاف مراحل أعمارهم. ومع تقدم العمر للإنسان يزداد التشبث ببعض الأصدقاء والاستئناس بالحديث معهم. إلا أنه ومع مرور الوقت، يخوض الندماء تجارب وأنشطة وتبادل مصالح ورحلات وسفرات ومشاريع وأنشطة مشتركة تجمع أولئك الأصدقاء، فيغربلون بعضهم البعض، ويبذلون جهود جبارة لتشخيص أقرب الأصدقاء وأكثرهم ثقة وأصدقهم أمانة وأكثرهم حكمة وألبقهم حديثا لاستيداع بعض أسرارهم والتعويل عليهم عند الشدائد. ويُطلق عليهم حينذاك الأصدقاء المقربون أو أهل الصفوة.

إلا أنه، نرى ونسمع في ذات الوقت، عن تخبط البعض من الناس في تحديد وتمييز أعدائهم من أصدقائهم لأسباب مختلفة، ومنها الدعاية الزائفة والبريق المغشوش والأماني الكاذبة باستغلال عاطفي أو نفسي أو مالي أو... الخ. والأغلب من الناس يفشل في تحديد ألد أعدائه حتى مع كثرة الأدلة وتوافر الشواهد المتعددة على سوء ذاك العدو أو غدره ووضوح الصورة في تعدد انقلاباته وخذلانه. قد يكون سبب عدم تشخيص الإنسان لألد أعدائه ”الشيطان“ هو الغفلة أو النسيان أو اتباع الهوى أو الغشاوة أو اقتصار الإيمان بالماديات فقط أو حب الشهوات أو حب الدنيا أو التملق أو العُجب بالنفس أو الوقوع في حبائل الدعاية الخادعة والكلام المنمق. الشيطان هو ألد الأعداء لبني آدم كما أخبرنا ذلك القرآن الكريم: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر: آية 6]. إلا أن البعض مع شديد الأسف ينقلب على أعقابه، ويعتد بوعود الشيطان الخبيثة فيتبعه.

الشيطان يرتدي عدة أقنعة ليستدرج أكبر قدر من الناس لجهنم، ومن تلكم الأقنعة المستحدثة بعد فشل خططه في ادعاء الخلود:

1 - الحرية الفردية

2 - الاستمتاع بالأجساد بدون قيود ودون ضمير

3 - الاعتداد بالنفس والعُجب والرياء

4 - حب زخارف الدنيا من وجاهة وأموال وأملاك

5 - طول الأمل

وباختصار ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا [النساء: آية 120].

بعض طرق هزيمة الشيطان:

الكل منا يربي نفسه، ويصارع شهواته ويروض وساوسه، ويهذب سلوكه لكي يجعل نفسه في حصن الله الرحمن الرحيم وتحت سيطرة العقل الناضج. وقد ينجح البعض في بلوغ أهدافهم، وقد ينتكس البعض الآخر من الناس، ﴿وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء: آية 118]. إلا أننا نشارك بعضنا البعض أحاديث تربية النفس وترويضها علنا وإياكم نصل بر الأمان، ونحظى برضا الله والنفس والأهل والمجتمع.

- الاستقامة.

- الابتعاد عن مواطن الموبقات.

- تحصيل العلم والمعارف النافعة.

- حسن الانغماس في العبادة لله والابتعاد عن الأمنيات الواهمة.

- مجالسة الصالحين والحكماء وأهل النظر الراشد والاستنارة بتجاربهم.

- تربية النفس على قبول الحسن ورفض القبيح من الأقوال والأفعال.

- إحياء سنة الزواج المبكر قدر الاستطاعة.

- التشجيع على الحشمة في أكبر نطاق ممكن.

- خلق تفاهمات اجتماعية وأعراف إنسانية تنشر الفضيلة، وتحاصر الرذيلة حد الإجهاض لها.

في نفس السياق وفي هذا الصدد وعلى صعيد الأمم عبر العالم، أرى أنه ومع تكشف الوجوه الحقيقية لبعض الادعاءات الزائفة لبعض الشعارات البراقة وتداعيات جرائم أهل الشذوذ وأحزاب السقوط الأخلاقي؛ مما أفرز من جرائم في حق الأسر والرجل والمرأة والأطفال، حتى وصل إلى حد المتاجرة وانتهاك أعراض الأطفال ”Source: documentary, sound of freedom“، فإن الفرصة مواتية وسانحة لجميع أبناء آدم حول العالم لإطلاق لوبي أخلاقي عالمي يضم كل الأخيار من أبناء كل الديانات، ومن كل الدول لمقارعة أي انحراف والتصدي له. وهذا الأمر ضروري ومُلح وإجراء وقائي وجودي لحماية نظام الأسرة وصيانة حقوق كل أبناء آدم، حتى إن اختلفت قوميات أو مذاهب أو ديانات أو جغرافية أو مستويات المعيشية أو الألسنة أو حتى مرتكزات عقائد أعضاء اللوبي المُقترح ”حماية منظومة الأسرة حول العالم“. ونتضرع إلى الله العلي القدير في أن ينجح ذلك اللوبي بشكل كامل بنهاية المطاف بعد انطلاقه في إقرار:

- حظر الرذيلة بكل ألوانها وتشجيع نشر الفضيلة بكل مشاربها.

- معاقبة البغاء وأدوات الإعلام المحفزة عليه.

- تبني برامج حماية الأسرة والبناء الأسرى وبر الوالدين وحماية الأطفال وضمان حقوق الرجل والمرأة والطفل.

- ضمان حقوق الوالدين في تربية أبنائهم.

نحن في بلاد حباها الله بنعمة الدين الإسلامي، فكنا وما زلنا في وطننا الغالي وبحمد الله ننعم في ظل وجود مجتمع ودولة غيورين على القيم الإنسانية النبيلة جعلنا نبادر في إبداء الرأي لمعالجة بعض التصدعات في السلوكيات الغير مرغوبة إنسانيا. فضلا أن انتماءنا للإسلام جعل ويجعل المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقنا في مقارعة الانحراف عند المجتمعات مضاعفة ودعواتنا لهم بضرورة الثبات على السلوك القويم دعوى أصيلة وصادقة ونابعة من قلب محب، ولا تعني أي وصاية أو إسقاط أي سيادة أو استنقاص أي مجتمع. وإن لم ير مقترحنا أعلاه النور، فنسأل الله الهداية لجميع ”من اتخذ إلهه هواه“.