آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 5:34 م

الدفع نحو الأفضل

المهندس أمير الصالح *

﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة: آية 251]

﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج: آية 40]

يبدو أن دور وكالات الإعلام في بعض مناطق العالم انحازوا انحيازاً صارخاً لصالح أصحاب الألوان والشواذ والقراصنة وتجار المخدرات، وأخذ بعضهم دور الترويج لأصحاب الألوان عبر قنوات الإعلام الرقمي والسينمائي والإخباري والترفيهي. ومع شديد الأسف اخذلت بعض وكالات الأنباء والإعلام، الصالحين والأسوياء وأرباب الأسر المهذبة بذلك الفعل الشنيع والترويج المتسافل لتوافه والتافهين. إلا أن جولات العراك والحراك والدفع والشد لم تنتهي جولاتها لصالح طرف ضد طرف وهي مستمرة على طول خط الزمن، وعلى امتداد العصور. فلا الشواذ واتباع ألوان شبيه قوس قزح اختفوا ولا أرباب الأسر الأسوياء من الناس اطمئنوا على أبنائهم من انعدام تأثير إعلام الشواذ.

في العالم الإسلامي هناك خطوط فكرية ومذاهب أيدلوجية عدة، إلا أن الأغلب منها متفق على إنكار حركة اتباع ألوان قوس قزح العالمية. إلا أن البعض منهم اكتفى بأخذ موقف الاستنكار والتنديد والبعض الثاني بالشجب والثالث باللعن والرابع أخذ يسخف والخامس استنكف. والواقع أن الحياة العملية قائمة على الدفع بالأمور نحو القناعات ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ [البقرة: آية 251] من خلال الجهود الحثيثة والتخاطب المباشر. وعليه فإن الاستراتيجية المطلوبة منا ترتكز على الدفع ببني آدم نحو الأفضل، وإن كان أصحاب الألوان وأصحاب الأطياف الشيطانية يدفعون الأمور نحو الهاوية.

فأبناء آدم في كل الكوكب خاضوا وما زالوا يخوضون ولمسوا وما زالوا يلمسون تطبيق ايدلوجيات مختلفة بحثا عن الأفضل، وإن ضلوا الطريق في حقب زمنية معينة تحت أسباب مختلفة. ولعل البعض من الأمم لمسوا عواقب ونتائج دفع لينين وستالين وماركس وآدم سميث ومدارس شيكاغو الاقتصادية وفرويد و... و... وحتما تلكم الأمم سيلمسون عاقبة ونتائج أجندات أصحاب الألوان وتجار المخدرات ومروجي الحرية الجنسية والمطبلين لمفهوم النيوليبرالية الجسدية. بعضالامم يراجعون أنفسهم بشكل دوري، ويستردون زمام الأمور لفرض انتقاء الخيارات وتغيير الخيارات التي فُرضت عليهم من قبل حزب حاكم أو انقلاب عسكري. فالتاريخ علمنا بأن القناعات تقام بالحجج المنطقية الدامغة، وأن القلوب تُكسببالعواطف النقية الصادقة، وليست بقوة السيطرة وتعدد الأسلحة والانفراط في مستنقع حمم الجنس الشاذ.

الجميع من سكان كوكب الأرض يشعر بأن له دوراً في أي صراع يمت بالقيم الإنسانية بصلة سواء باختيار موقف ضد أو موقف مع. ولذا يعول أهل الحق في كل المجتمعات على الفطرة السليمة لبني البشر لدحض ورفض وإجهاض افكاراصحاب الألوان. وإن جذوة الدفع بين هؤلاء وأولئك، حتى إن ظفر أهل الألوان بجولة. فإن الحراك لم ولن يقف عند جولة واحدة.

موسم تجديد ذكرى فاجعة كربلاء في محرم الحرام في السنوات الثلاث المقبلة ”2024 - 2025 - 2026 ميلادية“ يصادف انعقادها زمنيا مع شهر يوليو حيث انطلاق احتفالات الشواذ بشهرهم جزئيا أو كليا. وكذلك موسم صيام شهر رمضان في العقود القادمة سيصادف انعقاد شهر أصحاب اللوان قزح. هنا سيقع بروز وتبارز بين قوى صالحة مؤمنة بقيم إنسانية نبيلة في الإصلاح من جهة وأخرى قوى طالحة مؤمنة بقيم شيطانية سيئة وانفلات شهواني صارخ من جهة أخرى. أنه بالفعل عبء تربوي ضخم يقع على كتف أهالي الديانات، لا سيما أبناء الإسلام وخاصة أهل المنبر والخطباء وأئمة المساجد وبالخصوص في دول المهجر. وعليه نسأل الله أن تتظافر الجهود من المؤمنين المخلصين لكسب الجولات الإعلامية القادمة من خلال ترتيب الأوراق وتنضيج الأساليب واستقراء المنطق السليم الناجح والقول الحكيم البليغ والفعل الرشيد في الاتصال الحضاري الفاعل مع أبناء الحضارات الأخرى لتبريز أفضل السلوكيات وأسمى الأخلاقيات وكشف كنوز الفضيلة، فيدين الإسلام والابتعاد عن أي فخ تصادم أو استفزاز مشين. فالعالم شاهد ويشاهد ما يحدث من فضائح أهل الرذيلة والفسوق والمجون من جهة، ويرى العالم تفاني أهل البر والإحسان والفضيلة في تبني قضايا إنسانية تجذر الحياة السعيدة والوفاء وبناء الأسرة وبر الوالدين واحترام العورات وحفظ الحقوق ونشر الفضيلة والأمن والأمان والتورع عن هتك الحرمات. الأسوياء من سكان الأرض هم الأغلبية الصامتة، وسوف يتأثرون بمنطق الدفع نحو الأفضل بما يرونه ويلمسونه وسيحسمون مواقفهم يوما ما بتبني الأفضل من الأيدلوجيات وإن طال الزمن. نحن نعتقد بأن الإسلام المحمدي الأصيل أن تم الترويج له بصورة سليمة وطرق لبقة قولا وعملا وسلوكا في البيت والشارع والعمل والمجمع والمطعم وكل مكان، سيقع الآخرون في حب ما فيه من فضائل وسينفر من إغراءات الشياطين ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج: آية 40].