آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

طفو أو غرق أو سباحة مالية

المهندس أمير الصالح *

في فصل الصيف يجتهد أولياء الأمور في إلحاق أبنائهم الصغار بمدارس التدريب على السباحة لكي يعلموا أبناءهم فنون الطفو وحفظ أجسامهم في البحر طافية دون الغرق والحرص على إتقان أنواع السباحة لقطع أكبر مسافة ممكنة. السباحة كرياضة هي فن من فنون الاستمتاع بالحياة وصقل مهارة جديدة والحفاظ على صحة الجسد وكسر الرتابة والعيش بعيدا عن المستشفيات وزيادة الحصانة الصحية.

ولكن في عالم إدارة المال القلة من الأوساط الاجتماعية تدرب أبناءهم على مهارة اكتساب وإدارة إنفاق المال وتنميته واستثماره. فالأغلب من الناس يكون ضحية الجهل أو الإغواء أو الحماقة أو الاستفزاز أو المفاخرة أو الكسل أو السفاهة في سوء إدارة موارده المالية. يتم استنزاف الكثير من الموظفين والطلاب والكسبيين في ديون مالية متعددة؛ بسبب مجاملات اجتماعية وأعراف بالية ومقارنات أنماط معيشة غير متكافئة. فيغرق أولئك البعض من الناس في بحر الديون المالية المتراكمة.

قد يدفعك أو يدفعني بعض أفراد المجتمع المترفين أو المغرضين أو المدفوع لهم على العيش في دورة ديون لا تنتهي من خلال الإيحاء بأنماط حياة اجتماعية مترفة، وفي حقيقتها مبنية على القروض البنكية. فيقع أحدهم في اقتراض الآلاف من الريالات من أجل:

- اقتناء سيارات جديدة فارهة

- إدراج الأبناء في مدارس ذات رسوم باهظة

- عقد حفلات زفاف باذخة

- التسكع في مدن ودول الإجازات الباهظة

- مواكبة آخر صرخات الموضة في الملابس والمأكل والمشرب والديكور والأثاث والهدايا والحفلات والولائم

ومع وجود موجات تسويق دعائية كبيرة وقوية للقروض الشخصية من قبل بعض البنوك في كل القنوات المرئية والمسموعة وتسهيلات مفرطة في إعطاء القروض لتحقيق أهداف خطط بنكية مدروسة، نجد أن:

- سجل ديون المستهلكين في تصاعد

- سجل عدد المتورطين في منطقة العيش فوق الإمكانيات المالية في تزايد.

وصدق قول أحدهم في ذم الدائنين المتخبطين بقوله:

يشتري بعض الفقراء أغلى الملابس، ويركبون أفخم السيارات ليقنعوا الأغنياء بأنهم أصبحوا منهم طلبا من الأثرياء قبولهم في أوساط الأغنياء، ولا يوفقون لذلك. بينما يرتدي بعض الأغنياء ملابس عادية «غير ذات ماركة مميزة» ويركبون العادي من السيارات ليقنعوا الفقراء بأنهم منهم، فيندمجوا معهم بكل ترحاب!!.

وهذا مطابق ما قاله أحد الكتاب:

‏Rich people act broke to blend in.
‏Broke people act rich to stand out.

بعض الأثرياء يتصرفون مثل المفلسين للاندماج.
وبعض المفلسين يتصرفون مثل الأثرياء ليبرزوا أنفسهم.

تذكر أيها المستهلك المحدود الدخل ماليا: الديون ذات الفائدة المرتفعة تحرمك من الاستمتاع بيومك ومستقبلك، وتقتل البسمة من شفتيك وتسلب الراحة من بالك. فأنت تستخدم الأموال التي تكسبها اليوم لسداد أشياء من ماضيك صرفتها في ترفيه عابر ونزوة مفاخرة طائشة. بالإضافة إلى الفوائد والرسوم التي يستعيش منها الدائنون الأغنياء ليزدادوا هم في راحتهم، وستزداد أنت في عبوديتك لهم وللبنك التجاري. يتورط البعض من الناس بسبب القروض الاستهلاكية «غير المنتجة» في تعاسته وتعاسة أسرته لمدة طويلة زمنيا. نستثني من ذلك، القرض من أجل الانطلاق في الإنتاج «مشروع تجاري / صناعي» أو زيادة الإنتاج أو سد حاجات أساسية محفزة للإنتاج مثل مأوى الأسرة. أما القرض المالي من أجل الفشخرة والدلع والتسكع والمحاكاة للأثرياء والسياحة الترفيهية والسلع الاستهلاكية غير الأساسية، فلا خير فيه بتاتا. وجود أصل مالي كالمنزل يخلق أماناً نفسيا لجميع أفراد الأسرة، وقد يكون منصة لخلق ثروة للأجيال القادمة. فإن كان ولابد من قرض فليكن لاقتناء منزل. فاحرص في هذا الزمان على تعليم أبنائك السباحة في عالم إدارة المال وفنون ترشيد الاستهلاك وعقلنة الأولويات في المشتريات وتجنب الاستنزاف المالي واستكشاف آفاق الاستثمار الممكن والتفقه في علوم المال والأعمال وميك الحسابات وتفادي الجبايات بطرق قانونية سليمة.