آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 8:57 ص

الصورة الشخصية والقبول الوظيفي

المهندس أمير الصالح *

في بداية الأمر، استحسن أحدهم لنفسه أن يلجئ لكاتب أجنبي في غرب الكرة الأرضية للاستعانة به في كتابة السيرة الذاتية لشخصه بهدف التقديم على وظائف في بلده. والملاحظ أنه اعتاد سوق الوظائف في الغرب على تسويق نماذج سير ذاتية تتضمن صورة المتقدم الشخصية في تلك الفترة. وتم استيراد النموذج بكامل قوالبه واستحسانه واستنساخه في كثير من الدول، ومنها الدول الشرق أوسطية. قد يكون كل ذلك شيئًا جيداً كما يبدو للبعض للوهلة الأولى؛ لأن البعض يعتقد بأننا أصبحنا نحاكي الأمم المتقدمة في أنماط الإدارة وآليات سوق العمل وتكافؤ الفرص وانتقاء الكفاءات والحوكمة والشفافية والمصداقية. وشخصيا أرفع القبعة لكل مدير إدارة موارد بشرية ومدير شركة في تفعيل هكذا سمات إدارية نبيلة وسليمة قبل وأثناء وبعد مراحل التوظيف للكوادر المهنية.

الواقع إن إلصاق الصورة الشخصية في صحيفة السيرة الذاتية في بعض الدول قد تكون فاتحة تسويق للشخص المتقدم على وظيفة أو إعلان إجهاض فرصة قبول له في الشركة المتقدم لها. فهناك بعض من الفتيات من لديهن مفاتن جمال مغرية، ويحبون إبرازها حتى عند البحث عن وظيفة عمل في قطاعات عمل ليس لها علاقة بالجمال. وهناك فتيات جميلات يحبون عدم الاستعراض بمفاتهن في أي حال من الأحوال إلا لأزواجهن. وهناك من لون بشرته سمراء أو داكنة أو حنطية وهناك من لون بشرته بيضاء أو صفراء. وحتما هناك من لديه ذكاء عاطفي يستغل قراءته لثقافة الشركة التي يقدم لها، فيقدم صورة لنفسه تتوافق مع ميول توجه ثقافة الشركة ليحظى بالوظيفة. الكلام عام وليس لجغرافيا محددة أو قطاع محدد.

ففي قسم فرز سِير المتقدمين الذاتية عن طريق إدارة الموارد البشرية على وظائف معلنة، يتم الفرز على عدة محاور، وذلك وفقا لسياسة كل شركة. فالفرز في مراحله الأولى قد يكون يدوياً، وقد يكون فرز آلياً. الفرز الآلي غير متوفر لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة. وعليه تلقائيا يكون الفرز اليدوي للسير للشخصية الورقة/ الرقمية هو السائد. أما الشركات العملاقة، فإن الفرز اليدوي يأتي بعد فرز الحاسوب. في المحصلة الفرز سيتم يدويا سواء كمرحلة أولى أو مرحلة ثانية. وهنا مفترق الطرق.

أعضاء إدارة الموارد البشرية هم بشر كسائر البشر ولديهم ميول وسلوك وهفوات وشطحات وأمانة وغيرها من الخصال النفسية. فهناك منهم الفاسق، ومنهم الطيب وهناك منهم الفاجر، ومنهم المؤمن وهناك منهم الظالم، ومنهم العادل وهناك التافه والأمين … الخ. المفترض أن يكون الفرز بناء على الكفاءة والخبرة لسد حاجة الشركة في المجال المحدد. ولن يكون صادما للبعض إن قلت إن بعض مدراء إدارة الموارد البشرية من هو ضال ومضل، وإمعة ومصلحجي أو دمية أو ”امسك لي واقطع لك“. وهذا المدير الضال المضل سينتقي المرشحين بناء على انطباعاته الشخصية عن الصورة المرفقة للمتقدم / المتقدمة، وليس الكفاءات والشهادات والإنجاز.

وإن تم عقد مقابلات شخصية من قبل هكذا مدير إدارة فهي فقط إجراء روتيني لتغطية اشتراطات سلسلة المرور على قنوات وبروتوكول التوظيف ليس أكثر. بل إن هناك من بعض أعضاء إدارات الموارد البشرية في كثير من بقع العالم من يعتمد صورة الموظفة / الموظف الأكثر جمالا والأكثر أناقة، وليس الأكثر كفاءة والأكثر خبرة؛ لأن بعض الإداريين الفاسدين مُبتلى في عقله أو في ضميره أو في عنصريته أو كل ما تم ذكره.

هناك أمر آخر وهو افتعال إعلانات توظيف يطلقها البعض من الأشرار بهدف صيد رؤوس يانعة لإغوائها في الرذائل أو سرقة بياناتها أو مقاصد غير سوية أخرى. ولذا على المتقدمين والمتقدمات على الوظائف في أرجاء المعمورة أن يكونوا على بصيرة، ويتمحصون صدق الإعلانات، ولا يسمحون لأحد أن يستغل حاجتهم للعمل فيما لا يرضي الله، ولا تنكسر همتهم عن السعي الدؤوب لطلب الرزق الحلال في الأرض. وبناء على ما تم نقاشه بالأعلى، اقترح عدم إرفاق الصورة الذاتية للأفراد في صحيفة السيرة الذاتية لتجنب ارتكاب الخطأ المتكرر إلا إذا كانت الصورة مطلوبة وإلزامية.

وندعو من خلال هذا المنبر أصحاب الضمائر الحية، لا سيما في إدارة الموارد البشرية بتفعيل خاصية العدالة وتكافؤ الفرص والنظر في الكفاءات.

ونطالب كل مدراء الشركات الشرفاء في كل قطاع على إجراء تدقيق ومعاينة وتمحيص لقوة الشفافية وأداء الأمانة من قبل من أنيطت بهم المسؤولية.

﴿اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص: آية 26] آية كريمة تدعو للاستعانة بأهل الكفاءة والأمانة لإنجاز الأعمال.