آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 12:09 م

ثقافة المنبر

محمد أحمد التاروتي *

المنبر منصة رئيسية، لدى اصحاب الفكر والثقافة، في استقطاب الانصار، ونشر الوعي في المجتمع، باعتبارها اداة هامة في القدرة، على التأثير في، مختلف الطبقات الاجتماعية، ”تكلموا تعرفوا فان المرء مخبؤ تحت لسانه“.

المنبر تعبير مجازي، يشمل جميع الوسائل ذات القدرة، على إيصال الصوت، سواء داخل النطاق الضيق، او عبر الفضاء الرحب، القادر بث معتقداته الفكرية، حيث استخدم اصحاب الرسالات، والقادة عبر التاريخ، المنابر لنشر المبادئ والاخلاق، بيد ان تلك المنابر، شهدت تطورات كبيرة، تبعا للتطور البشري، حيث تعتبر دور العبادة، ابرز المنابر القادرة، على خلق تيارات فكرية، واحداث تموجات داخل المجتمع الواحد، فهذه الاماكن تمتلك القدرة الفائقة على الاستقطاب، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.

ادرك الانسان، أهمية المنابر الاعلامية، في القدرة على التأثير، على البيئة الاجتماعية الصغيرة، والكبيرة، مما دفعه للقتال بكل الطرق، للسيطرة على الأدوات الاعلامية، خصوصا وان المنابر تمكن أصحابها، من التحرك بسهولة، لما تقدمه المنابر من امتيازات عديدة، بالاضافة الى توفير المناخات المفتوحة، لتشكيل الجماعات المؤدية.

أدوات المنبر تتوزع، على مختلف الوسائل التقليدية، والحديثة القادرة على إيصال الاصوات، الممهدة لتكريس سيطرة اصحاب الفكر على الاخرين، الامر الذي يفسر الميزانيات الضخمة، المرصودة على استمرار هذه المنابر، اذ لا يمثل استنزاف الموارد المالية، أهمية كبرى في حالات كثيرة، فالأهداف المرسومة تتطلب البذل المستمر، دون النظر لحجم الإنفاق المترتبةى على تأسيس تلك المنابر الإعلامية، او محاولة السيطرة عليها، من خلال تمرير بعض الأفكار، او زرع بعض العناصر المؤثرة.

ثقافة المنبر قادرة، على احداث تحولات فكرية، سواء عميقة او سطحية، فالعملية مرتبطة، بنوعية المفردات الصادرة منها، وكذلك تبعا للاطراف المسيطرة عليها، حيث تلعب السياسة، والظروف الاقتصادية، والأوضاع الاجتماعية، عوامل أساسية في تحديد هوية، ورسالة المنابر الإعلامية، الامر الذي يفسر التغيير الكبير، في نوعية الخطاب بين فترة واُخرى، انسجاما مع التحولات المحيطة، انطلاقا من قاعدة ”لكل مقام مقال“، فالخطاب المؤثرة في مرحلة زمنية، يفقد بريقه في فترة زمنية لاحقة، مما يفرض على الاطراف المسيطرة، على المنابر الإعلامية قراءة الظروف، بشكل دقيق، من اجل استمرار السيطرة، على البيئة المحيطة الاجتماعية، فعدم التعاطي مع المتغيرات الحاصلة، في مختلف الاصعدة، يمثل بداية انفراط عقد السيطرة، على الجماعة المستهدفة، سواء كانت صغيرة او كبيرة.

كاتب صحفي