آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 1:23 م

معركة الموصل.. مستقبل داعش

محمد أحمد التاروتي *

تشارف معركة الموصل على النهاية، بعد التقدم الكبير للجيش العراقي، في الجانب الأيمن، بعد طَي صفحة الجانب الأيسر، خلال الفترة الماضية، اذ لم يتبق على طرد داعش من المدينة، سوى احياء قليلة، مما يمهد الطريق امام وضع نهاية، لداعش في أقوى معقل لها في العراق.

الانتصار الكبير للجيش العراقي، في محاربة داعش، يمثل تحولا استراتيجيا سياسيا وعسكريا، فمن جهة يعطي الحكومة العراقية، المزيد من الأوراق السياسية لرسم ملامح المرحلة القادمة، خصوصا في ظل التوجهات الجديدة لإدارة ترمب، في إعادة صياغة المنطقة، ومحاولة إطفاء جزء من الحرائق المشتعلة، في العالم العربي منذ عام 2011.

ومن جانب اخر، يعطي تحرير الموصل الحكومة العراقية، دورا أساسيا في التحرك القادم، لطرد داعش من المعقل الرئيس في الرقة، نظرا للخبرة التي اكتسبتها القوات العراقية، طوال العامين السابقين من الحرب مع داعش، في أجزاء واسعة الجغرافيا العراقية، وبالتالي، فان بغداد مرشحة للدخول بقوة، بالمشاركة في المعركة القادمة، اذ تمثل الضربات الجوية للطائرات العراقية، على أهداف تابعة لداعش في سوريا، بداية عملية للمرحلة القادمة.

لا يمكن فصل المساعي السياسية للمفاوضات، السورية - السورية عن المرحلة الجديدة، فبالرغم من الاختراقات المحدودة، للسير في طريق الحل السياسي، فان تثبيت وقف إطلاق النار، في العديد من محاور القتال، يمثل توجها لدى أطراف النزاع، بالرغبة في تغليب الخيار الدبلوماسي، على الحل العسكري، خصوصا وان الاحتكام للسلاح، لم يحسم الصراع، بقدر ما ساهم في تشريد الملايين، وإراقة الدماء، وتدمير المدن.

الإدارة الامريكية الحالية، تتحرك باتجاه وضع نهاية سريعة، لداعش سواء في العراق او سوريا، فواشنطن بدأت بتعزيز تواجدها، في مناطق خاضعة تحت سيطرة الأكراد في سوريا، من اجل المشاركة العملية، في معركة الهجوم على الرقة السورية، مما يعطي انطباعات بقرب انطلاق معركة الرقة، باعتبارها اخر المعاقل الرئيسيّة، لدولة أبو بكر البغدادي، بعد الهزيمة الكبرى، التي لحقت بالتنظيم بالعراق، واخرها المعركة العسكرية، في مدينة الموصل، التي احتلها منذ منتصف عام 2014.

روسيا باعتبارها اللاعب الرئيس، في الأزمة السورية، ليست بمنأى عن التحركات الساعية، لوضع نهاية لداعش، فهي تعمل على مسارين، وهما الحل السياسي عبر تقريب وجهات النظر، بين أطراف الصراع، وإطلاق المزيد من جولات المفاوضات، ولعل اخرها التحضيرات، لعقد جولة جديدة في آستانة، لتضاف الى الجولات السابقة، التي ساهمت إرساء تصورات، لمرحلة بعد الحرب الدائرة حاليا.

فيما المسار الثاني، يتمثل في الدعم العسكري، الذي تقدمه للجيش السوري في حربه، ضد الجماعات المسلحة المتطرفة، سواء النصرة او داعش، حيث لعب الطيران الروسي دورا محوريا، في قلب المعادلات العسكرية في العديد من المواقع، ولعل ابرزها مدينة حلب وكذلك مدينة تدمر مؤخرا، وبالتالي، فان موسكو تمسك بأوراق عديدة، في الأزمة السورية في الوقت، مما يفرض على واشنطن التنسيق معها، في جميع التحركات سواء السياسية او العسكرية، اذ تمثل مشاركة أمريكا في الجولة القادمة، لمفاوضات آستانة منعطفا عمليا، على صعوبة إيجاد حلول سياسية، بدون التوافق الروسي - الأمريكي، نظرا لإمساك كل طرف بمجموعة أوراق سياسية وعسكرية، في الأزمة السورية، خصوصا وان العاصمتين تمتلكان، تأثيرا قويا على الأطراف المتنازعة، بشكل مباشر او غير مباشر.

كاتب صحفي