آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 12:09 م

ثقافة التحدي

محمد أحمد التاروتي *

التحدي عامل ايجابي، لتجاوز العراقيل الحياتية، فالمرء العصامي يحيل المستحيل الى واقع، فهو لا يقف امام جبل الاحباطات التي تعترض طريقه، بل يسعى لايجاد الوسائل، لتحويلها لجسر للعبور، باتجاه الضفة الاخرى، فالانهر والبحار المنتشرة على مساحة شاسعة، من الكرة الارضية، لم تشكل حائلا امام قدرة الانسان، على ابتكار القوارب، لتجاوزها واستخدامها، وسيلة لقطع المسافات الطويلة، للوصول الى اليابسة.

امتلاك مقومات التحدي، يتطلب وجود عناصر اساسية، فالقوة لا تمثل العصا السحرية، لتجاوز جميع الصعاب الحياتية، اذ تمثل عنصرا واحدا، من عشرات العناصر الضرورية، خصوصا وان هناك مطبات تتطلب استخدام العقل، لفك طلامسها والتغلب عليها، وبالتالي فان تحقيق الانتصار في معركة التحدي مرهونة بتوافر جميع العناصر والمتطلبات لمواصلة الصمود حتى الجولة الاخيرة.

بالاضافة لذلك، فان هناك مشاكل بحاجة الى وعي بالمرحلة الراهنة، والقدرة على اختيار الطريقة المناسبة، والسلاح الفعال لادارة دفعة المعركة القائمة، فالوسيلة المستخدمة في العصور السالفة، ليست نافعة في المرحلة الحالية، مما يتطلب البحث الدائم عن الطرق القادرة، على ايجاد الحلول المناسبة، والسريعة لمختلف المصاعب، التي تعترض الطريق.

البعض يحاول تحطيم الجبل بمعول صغير، الامر الذي يستنزف طاقاته، يسقطه في بداية الطريق، مما يحول دون القدرة على تحقيق المراد، بينما البعض الاخر، يلجأ لاستخدام الوسائل الحديثة، لهدم الجبل الكبير، مما يمكنه من تحقيق المراد باسرع وقت، وبالتالي فان استخدام الطريقة المثالية والمناسبة، امر ضروري للحصول على افضل النتائج، الامر الذي يفسر الاختلافات في القدرة، على تحقيق النتائج، في العديد من الملفات الشائكة.

امتلاك الارادة الصلبة، وقبول التحدي، لا يكفي لتحقيق الانتصار، او القدرة على ايجاد الحلول المناسبة، فالعاقل من جميع عقول الناس الى عقله، بمعنى اخر، فان الاستبداد بالرأي مهلكة في الكثير من الاحيان، اذ يمثل التمسك بالرأي بداية السقوط، والموت التدريجي، خصوصا وان العقل الجمعي قادر على ايجاد البدائل المناسبة باقل الخسائر، مما يستدعي الاستعانة بالاخرين، ولاسيما الاطراف التي تمتلك رجاحة في العقل، وقدرة على التفريق بين الصالح والطالح.

المشكلة ان التحدي غير المدروس، يخلف اثارا سلبية على الجميع، بحيث لا يقتصر على البيئة الصغيرة، بل يتجاوز المحيط الاجتماعي، الامر الذي ينعكس على صورة كوارث كبرى، فالبعض يدخل التحدي دون امتلاك الادوات، القادرة على تحقيق الانتصار، سواء نتيجة قلة الخبرة في التعاطي مع المشاكل، او بسبب انعدام الرؤية السليمة، جراء الافتقار للوعي اللازم، للتعاطي بشكل ملائم مع مختلف المطبات، اثناء التعامل مع المشكلة القائمة.

دراسة جميع الاحتمالات، امر بالغ الاهمية، لاستيعاب الصدمات او الافخاخ، التي تنصب خلال المعركة القائمة، فالطرف الاخر يحاول استدراج الخصم، بشكل تدريجي لكشف جميع الاوراق، مما يمكنه من توجيه الضربة القاصمة، التي يصعب امتصاصها، وبالتالي فان محاولة التعرف على الخصم، احد الاوراق الهامة، لتحقيق الانتصار في المعركة المصيرية، ف ”الحرب خدعة“، بمعنى اخر، فان استخدام الاساليب المختلفة، في حلبة الصراع امر مباح، خصوصا وان الطرف المقابل، لا يتورع عن الاستفادة من مختلف الطرق، لتوجيه الضربة القاضية.

كاتب صحفي