آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 5:05 م

ثقافة الترقيع

محمد أحمد التاروتي *

يمثل نقل المشاكل من موقع لاخر، اعترافا واضحا بالعجز، في ايجاد الحلول الجذرية، مما يدفع البعض للبحث عن مسكنات مؤقتة، كنوع من الهروب للامام، بيد ان المشكلة تبقى مشتعلة تحت الرماد، بانتظار اللحظة المناسبة، للانفجار بشكل تدميري، خصوصا وان محاولات ردم تلك المشاكل بالتراب، لا يخدم بقدر ما يزيد الامور تعقيدا، فهناك بعض القضايا تتطلب علاجا سريعا، ونوعا من المكاشفة والشفافية، ”الصدق منجاة“، فيما بعض الملفات الاخرى، تتطلب الاعدام بشكل نهائي، باعتبارها اوراما خبيثة، لا تجدي معها مختلف الامصال والادوية، وبالتالي فان الخيار الامثل، يتمثل في بتر المشكلة، من الجذور ”اخر الدواء الكي“.

الترقيع سياسة العاجز، في وضع الامور، في نصابها الصحيح، فهناك عوامل متعددة تدفع باتجاه انتهاج سياسة الحلول المؤقتة، في العديد من الملفات الشائكة، حيث تلعب القدرة على تشخيص المرض عامل اساسي، في اختيار الحل الجذري والمناسب، عوضا من استخدام المسكنات المؤقتة، بمعنى اخر، فان العملية مرتبطة بالطريقة المستخدمة، في معالجة الازمة، فالبعض يباشر الامور بنفسه مما يجعله قادرا، على معرفة التفاصيل الدقيقة، وبالتالي التعرف على المرض، مما يوفر الفرصة، لايجاد العلاج المناسب، بينما البعض الاخر يحاول التعرف على المشاكل، بواسطة التقارير المكتوبة، مما يجعله في كثير من الاحيان، غير قادر على الوقوف، لمعالجة تلك المشاكل بشكل دقيق، الامر الذي يفتح الباب امام، الكثير من الحلول الترقيعية، وغير الناجعة على الاطلاق.

اتخاذ القرار الصائب والجرئ، في احلك الظروف، يشكل عنصرا اساسيا في الابتعاد، عن الحلول الترقيعية، فالقرار الصائب يتطلب قدرة وشجاعة، في تقليب الامور من مختلف الجوانب، بهدف الوقوف على الاثار السلبية، والتعرف على الجوانب الايجابية، وبالتالي فان تحمل مرارة الدواء، لفترة وجيزة، افضل من تجرع تبعات الالام، والاوجاع لفترة طويلة، ”الم ساعة ولا عذاب ايام“، بمعنى اخر، فان انتهاج سياسة المواجهة المباشرة، مع المشكلة اجدى من التواري، خلف الحلول الترقيعية، التي تكون اثارها كارثية في اغلب الاحيان، سواء على المحيط القريب، او الكيان الاجتماعي الواسع، فهناك بعض المشاكل يمكن السيطرة عليها في مهدها، باستخدام بعض الحلول الجراحية السريعة، ولكنها تتحول الى مرض عضال، يصعب علاجه بعد مرور الوقت.

تمثل المشورة السديدة، احد العناصر، لانتهاج الحلول الجذرية، في معالجة المشاكل على اختلافها، ”ما خاب من استشار“ و”هلك من ليس له حكيم يرشده“، ”من شاور الرجال شاركهم في عقولهم“، فالمرء ليس قادرا على الاحاطة، بمختلف الملفات والقضايا، مما يستدعي الاستعانة باصحاب الخبرة والمشورة، للوصول الى الحلول المناسبة، خصوصا وان ”من استبد برأيه هلك“، وبالتالي فان الاستشارة تضيء الطريق المظلم، وتفتح العقول امام البعض لاختيار الطريقة المثالية، لمعالجة الازمة، بما يقلل من الخسائر من جانب، ويقضي عليها بشكل نهائي من جانب اخر، لاسيما وان اعتماد مبدأ الترقيع من الطرق الخاطئة، التي يعتمدها البعض في الممارسات الحياتية، في العديد من المشاكل، والازمات القائمة.

كاتب صحفي