آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 5:05 م

إضاءات من حياة شهيد القران

بسم الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

إنا لله وإنا إليه راجعون ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

رغم بركان الفاجعة المتفجر باللوعة والأسى والحسرة أقف متماسكا لأتلمس بعض النور ولأقتبس بعض الضوء في السيرة والمنهج الذي استنارت به سيرة الأخ الشهيد في إضاءات موجزة.

الإضاءة الأولى: الحاجة الملحة لالتزام النهج الإداري الذي يعتمد المشاركة في بناء الرؤية ووضع الخطط وتوزيع الأدوار وصناعة الإنجاز وتحمل عبء العمل وإعادة تقييمه وتطويره بعيدا عن منهج القيادة الفردية الجامد والذي يسكننا بشدة ويستقر في أعماقنا وإن بنينا هيكلية إدارية حديثة في الظاهر.

وهو ما لمسناه في الأخ الشهيد من حيث فصل هويته الشخصية عن العمل الاجتماعي أو الثقافي وعدم تشبثه برأيه السابق ورؤيته الخاصة والوقوف عند الآليات المعتادة عند طرح رأي هو أقرب للصواب وأجدى في تحقيق المصلحة العامة.

الإضاءة الثانية: السعي للتميز في الأداء وعدم الجمود على الأداء النمطي الرتيب واعتماد التعلم المستديم كنهج عملي دائم، ففي عمل الفقيد كمعلم سعى للتعرف على مناهج تعليم التفكير وبرامج رعاية الموهوبين والتخطيط الاستراتيجي ومؤشرات الأداء، وأثناء رئاسته للمجلس القرآني المشترك التحق ببرنامج للدراسات العليا في المجال القرآني.

الإضاءة الثالثة: نضج تجربته في العمل الاجتماعي إثر سنوات طويلة من ممارسة العمل التربوي والثقافي والقرآني وخدمة الحجاج مما أسهم في رسوخ تجربته وقدرته على الإنجاز والإبداع رغم تزاحم الأشغال وتعدد المسؤوليات ففي إبان رئاسته للمجلس القرآني المشترك كان عضوا في مجلس إدارة لجنة التنمية الاجتماعية في صفوى وقام بالإشراف على برامج ثقافية ونمائية أقامتها اللجنة.

الإضاءة الرابعة: تلقف الأفكار المبدعة ومحاولة توظيفها في ميادين العمل الاجتماعي المختلفة التي كان يشرف عليها أو يسهم فيها، من ذلك احساسه المتزايد بأهمية توفير ميزانيات مستقلة دائمة للمؤسسات غير الربحية تعتمدها كموارد ثابته لضمان استمرارية العطاء والانجاز وعدم الارتهان للظروف الضاغطة.

الإضاءة الخامسة: الوعي بمرحلية وتكامل العمل الثقافي، فبعد أن قطعت اللجان القرآنية شوطا مباركا في العمل على نشر معارف التجويد والتلاوة حتى باتت ثقافة عامة منتشرة كان لابد من دعم وتشجيع دروس التدبر والتأمل في أهداف القرآن ورؤاه وهديه وبصائره وصولاً إلى مرحلة متوخاة تكون فيها الدراسات التخصصية التتبعية أو الموضوعية من ينابيع الثقافة المجتمعية.

الإضاءة السادسة: أننا في مجتمع يذخر بالكفاءات العلمية المبدعة والمبادرة للخدمة وما نفتقده حقيقة هو القدرة على نظم الجهود والخبرات والكفاءات في عمل مشترك يحفظها من الهدر والتبعثر ويجمعها في إطار تكاملي جامع، وهذا ما تجلى في جهود الأخ الشهيد في المجلس القرآني في سنواته الأخيرة خصوصا.

كانت تلك وقفات مختزلة وإضاءات مختصرة يجدر بنا تلمسها كما تلمسها الفقيد السعيد والذي خدم القرآن فأفاض القرآن عليه جلباب الرفق والسماحة وهو خير جلباب، وجعل له المودة في قلوب المؤمنين وفتح له أبواب الأخوة الإيمانية التي كسرت حواجز الوهم والجهل الفئوي، ومهد له الطريق للولوج في باب الوحدة الإسلامية الكبرى من بوابة القرآن الكريم الجامعة.

الْحَمْدُ للهِ رِضىً بِحُكْمِ اللهِ، أَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاكْفِنَا طُولَ الأمَلِ، وَقَصِّرْهُ عَنَّا بِصِدْقِ الْعَمَلِ.

اللهم إن المرء يحفظ في ولده وأهله وأنت خير الحافظين فآوهم إلى ركنك وأصنعهم على عينك، رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ.

اللهم إنك باركت حياة فقيدنا الشهيد واختصصته وفتحت له أبواب الشهادة في ختام شهر ربيع القرآن فبارك في شهادته واجعلها ختاما لهذا القتل المنفلت من كل عقال.

والحمد لله رب العالمين.