آخر تحديث: 10 / 5 / 2024م - 9:08 ص

باحثون: القطيف تمتعت بعوامل تلطيف الطقس قديماً.. واليوم تلامس سقف الخمسين

مريم آل عبدالعال - القطيف

لامست درجة حرارة الطقس هذا الصيف سقف الخمسين درجة مئوية في المدن الساحلية ومن بينها محافظة القطيف، ما رفع معدل امتعاض ساكنيها عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن المعتاد وانتشار التساؤلات حول ارتفاعها المفارق والبحث عن الحلول البيئية المجدية للمساعدة في خفضها.

وأجمع مهتمون بالبيئة والطقس على أن انحسار الرقعة النباتية والمسطحات المائية أهم مسببات ارتفاع درجة الحرارة في محافظة القطيف، والتي كانت تتمتع بها بيئتها قديماً ما أسهم في انقلاب طقسها الصيفي إلى تزايد ملموس كل عام.

تحذيرات الأرصاد 

وذكر سلمان آل رمضان الباحث الفلكي والمهتم بأحوال الطقس أن ما نشعر به من زيادة والشعور المرتفع هو بلاشك من تقلص الرقعة الزراعية والمسطحات الخضراء وكذلك المسطحات المائية من ردم للسواحل وجفاف العيون، إضافة للعوامل البشرية المتمثلة في انبعاث غازات المصانع.

وبين أن المنظمات المهتمة بالبيئة والمناخ والطقس كمنظمة الأرصاد العالمية ومنظمات الأمم المتحدة المختصة بهذه المواضيع لازالت تواصل تحذيراتها وتنتشر التقارير التي تحذر من مسببات ارتفاع الحرارة وخاصة الأسباب البشرية المتمثلة في الصناعات على حساب الطبيعة.

حرق وردم المانجروف

وأكد الأخصائي والباحث البيئي علي العلي أن أحد أهم الحلول لتخفيف الاحترار العالمي المسبب في ارتفاع درجة حرارة الطقس هو الحد من انبعاثات الغازات وزراعة الأشجار حيث المعدل العام لزيادة درجة الحرارة على ظهر الأرض هو 0,74 درجة مئوية منذ عام 1800 م ويعتقد علماء المناخ أن هذه الزيادة سيكون لها تبعات على الإنسان والبيئة.

وأوضح قدرة أشجار المانجروف الإيجابية الكبيرة على تخفيف درجة الحرارة مبيناً أن البشر ينتجون ثاني أكسيد الكربون بشكل أسرع مما تستطيع البيئة استيعابه أو امتصاصه وعلى سبيل المثال فإن أشجار المانجروف لها قدرة هائلة في امتصاص الكربون تفوق قدرة الغابات الاستوائية ب 50 مرة.

وأردف أن قدرة 1 كيلومتر مربع من المانجروف في عزل الكربون تساوي قدرة 50 كيلو متر مربع من الغابات الاستوائية.

وأبدى أسفه من أن يتم اقتلاعها وردمها وحرقها على سواحل محافظة القطيف مؤكداً أن إتاحة زراعة وتشجير شتلات المانجورف سيكون له دور مستقبلا في تخفيف الحرارة في المنطقة وتعويض ما خسرناه.

8 عوامل ملطفة للطقس 

في حين أرجع الباحث التاريخي عبدالرسول الغريافي ارتفاع درجة الحرارة الملموس إلى عوامل عامة على مستوى المملكة كإسفلت الشوارع المختزن للحرارة وعوادم السيارات والمصانع وكثرة أجهزة التكييف النافثة للهواء الحار للخارج.

وإلى جانب آخر خص محافظة القطيف بعوامل التغير الذي صاحب تغير بيئتها وساعدت في ارتفاع درجة الحرارة، وهي انحسار الغطاء الأخضر الذي كان يشكل نسبة عالية من القطيف ويلطف طقسها وموفراً الظلال الوارفة الحاجبة لأشعة الشمس والهواء المعتدل الحرارة المار من خلالها.

وأكد عامل ابتعاد الشواطئ عن المناطق السكنية بسبب الدفن الجائر للبحر حيث له أثر كبير في ارتفاع درجة الحراره إذا أن البحر من ناحية يشكل منطقة مفتوحة تسمح بمرور الهواء ومن ناحية أخرى أنه عندما يلامس ذلك الهواء سطح الماء فإنه يبرد ليهب على المنطقة بنسمات ابرد مما هي عليه الآن.

وأشار إلى اختفاء البيئة الطبيعية التي كانت تشكل شريطين ممتدين على مدى أكثر من عشرين كيلو متر وهما التقاء البحر بالغطاء الأخضر حيث كانا يشكلا متنزهاً منخفض الحرارة مع هبات نسيم عليلة طوال اليوم.

وأضاف إلى العوامل تغطية وردم الجداول والمصارف والسابات والأخوار «البحيرات» المائية التي يكاد طريقا لايخلو منها في القطيف سابقاً والتي كانت تلطف حرارة الجو.

ولفت إلى عامل جفاف العيون الطبيعية الوافرة قبل عقود في القطيف وقد تلتها العيون الارتوازية التي تغذي تلك الجداول الآنفة الذكر كانت تلطف من حرارة الجو كما كانت مشجعا كبيرا لكثرة الاستحمام والسباحة الملطفة للحرارة.

وتطرق الغريافي إلى طبيعة بناء المنطقة المتقاربة المنازل والتي كانت تشكل ظلالا ممتدا في كل مناطق الأحياء والحارات بالإضافة إلى الطرقات المسقوفة المعروفة بالصوابيط وكذلك مواد البناء الطينية والجصية الباردة.