آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 5:34 م

الشيخ العوامي: التحولات تسهم في تقدم المجتمع والتحديات تضيء الهويات

جهات الإخبارية تصوير: محمد آل خاتم - صفوى

ناقش الباحث والمفكر الإسلامي الشيخ فيصل العوامي جدلية الهوية في عالم التحولات وكيفية تسخير التحولات لصالح التنمية الذاتية والاجتماعية والموقف العلمي من التحولات وأهمية تقعيد المفاهيم في الأزمنة المتغيرة.

وتطرق الشيخ العوامي لمناشيء التخوف في أزمنة التحولات والتغيرات مما هو غير مألوف أو مرفوض في الثقافة القديمة ومن أهمها الخوف على الهوية، وهذا غير منحصر في الحالة الدينية فجميع المجتمعات لها هوية تحافظ عليها سواء كانت دينية أم غير دينية.

ولفت أن من لديه قناعات تامة مبنية على أصول علمية لا يتخوف من التحولات بل يرحب بها ويرى أنها تخدمه كثيراً.

وأستشهد بمقولة للمرجع الشيخ السند أن ”الفتن“ بالرغم مما لها من سلبيات إلا أنها على الطرف الآخر قد تتسبب في خلق حراك علمي ينتج أفضل ما لدينا فكريّاً ويبني واقعنا بشكل أفضل وأكثر رسوخاً.

كان ذلك في الندوة الحوارية «الاستجابة الرشيدة في زمن يتغير» التي نظمها مشكاة للتنمية البشرية وحاوره فيها الإعلامي حسين التاروتي، الجمعة في مسجد الإمام الهادي بصفوى.

وأكد الشيخ العوامي أن التجارب أثبتت بأن التحولات تخدمنا وتقدم مجتمعنا وأن التحديات تساهم في إضاءة الهويات، فالظاهرة الإسلامية مثلاً هي اليوم في حال أفضل مما كانت عليه قبل خمسين عاماً على مستوى الفكر والكفاءات العلمية.

ونوّه أن هذا لا يعني أن نقبل بكل ما تأتي به التحولات، بل أن نتعامل معها بشكل صحيح عندما يكون لدينا رسوخ علمي.

ونبّه أنه يوجد لدينا خياران لا ثالث لهما هما: تقعيد المباني العلمية للمبادئ التي ستكون على تماس مع التحولات الجديدة فنرسخها علمياً، فمجتمعنا هو مجتمع مثقف وممتليء بالكفاءات والعقول المتحضرة، والتعاطي الأخلاقي عبر التعامل بسعة صدر كبيرة، فالانفعال يعطي فرصة قوية للتحولات غير المرغوبة لتتجذّر.

وأشاد العوامي بكتاب «السبيل إلى إنهاض المسلمين» للإمام الشيرازي الراحل الذي نستفيد منه هذين الخيارين، وهو عصارة تجارب أربعين عاماً من العمل الإسلامي.

وأضاف الشيخ العوامي أنه في هذا العصر لا يكفي التأسيس الديني، بل لا بد من التأسيس الإنساني بالاستناد للثقافة الإنسانية لا الدينية فقط، لأن هناك الكثير ممن لا يقبلون الفكر الديني لكنهم يقبلون الفكر الإنساني.

وشدّد على ضرورة البحث العلمي والدراسات الميدانية حول جذور نشوء التحولات كوجود النواقص والثغرات في المجتمع أو التأثر بالعوامل الخارجية أو الأسباب النفسية مثل الشعور بالدونيّة مقابل المجتمعات الأخرى وغير ذلك.

وأكد على ضرورة تلمّس الإيجابيات حتى مع وجود السلبيات والضحايا لبعض التحولات، مذكّراً بتجربة برنامج الابتعاث الخارجي الذي فاقت إيجابياته سلبياته.

وأوضح أننا لكي نكون قادرين على صناعة التحولات الإيجابية بدل انتظارها لتأتينا من الخارج ثم نفكر في كيفية التعامل معها، فإننا يجب أن نكون قادرين على توليد العلوم لا استيرادها فقط، فمجتمعنا مليء بالكفاءات الهائلة ومتحضر ومتقدم من الناحية الفكرية لكنه يجب أن ينشط في توليد العلوم، وهذا يحتاج لدعم وتشجيع وبيئة من نوع خاص.

وتعقيباً على مداخلة من إحدى المشارِكات حول كيفية سد الفجوة بين النخب المثقفة والمجتمع، اعتبر الشيخ العوامي أن محاكمة المجتمع بالطريقة النخبوية قد يكون أسلوباً خاطئاً يخلق نفوراً اجتماعيّاً.

وأشار الى أن الخيار الأفضل هو النزول إلى المجتمع وضخ الثقافة العملية والملموسة فيه بشكل سلس، وهذا ما نجحت فيه الحوزة في الآونة الأخيرة لدرجة مّا وهو موجود لدرجة جيدة في العمل الثقافي أيضاً، فينبغي التشجيع على تجسير الفجوة بين النخب المثقفة والمجتمع بشكل أكبر.

ونصح العوامي بأن يتقن أصحاب المبادرات طرح مشاريعهم في الساحة الاجتماعية وعدم التعجل أو التصادم مع المجتمع فأسلوب الصدمات لا ينجح غالباً.