آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 4:16 م

التحالف.. المبدأ

محمد أحمد التاروتي *

تختلف غايات التحالفات تبعا للإطار الجامع، للاطراف المشتركة في تلك الكيانات، كما ان الأشكال ليست واحدة على الاطلاق، فهناك تحالفات تجمعها مخاوف مشتركة، او هواجس جامعة، في بعض الملفات الثقافية او الاقتصادية، بالاضافة لذلك فان الأدوار التي تلعبها التحالفات على اختلافها متعددة، وموزعة تبعا للنطاق الجغرافي، مما يؤثر على الدور الذي تلعبه في معالجة القضايا، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبالتالي فان التحركات الهادفة لايجاد تحالفات، تنطلق من أهداف مشتركة في الغالب، لتفادي تضارب المصالح بين الاطراف المؤسسة لتلك الكيانات.

المبادئ المشتركة بمثابة الضمانة لاستمرارية التحالفات، وقدرتها على الصمود في وجه التيارات العاصفة، خصوصا وان اختلاف التوجهات وتباعد المصالح، يعرض الاعمال المشتركة للتلاشي والضياع، نظرا لانعدام الهموم والتطلعات المشتركة، مما يدفع البعض للتغريد خارج السرب، دون التنسيق مع الاطراف الاخرى، الامر الذي يمهد الطريق انفراط عقد التحالفات بشكل عملي، وبالتالي فان وضع الاهداف المشتركة والاتفاق على المبادئ الموحدة، خطوة اساسية لبناء تحالفات قوية قائمة على أرص صلبة، بحيث تقف بقوة امام جميع التحديات والاختبارات.

انشاء الكيانات القوية هدف سامي للجميع، بيد ان المشكلة تكمن في القدرة على بلورة، تلك التطلعات على ارض الواقع، خصوصا وان التجاذبات وتضارب المصالح تدمر التحركات المشتركة، فهناك كيانات سرعان ما تختفي بعد فترة تشكيلها، نظرا لظهور اختلافات عميقة بين الاطراف، مما ينعكس على قدرة تلك الكيانات على البقاء، والصمود، بينما توجد تحالفات قوية وتمتلك مقومات البقاء، والتفاعل الكبير مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، نتيجة وجود توافق كبير بين مختلف الاطراف، والرغبة الكبيرة في تجاوز الخلافات، من اجل استمرارية التحالفات لمواجهة التحديات على اختلافها.

التحالفات تشكل احد الوسائل للحصول على القوة، والقدرة على مقاومة الضغوط، سواء الداخلية او الخارجية، فالصوت الجماعي اثر قدرة على التأثير من الصوت الواحد، مما يسهم في الحصول على العديد من المكاسب، واجبار الاطراف المناوئة على تقديم التنازلات، نظرا لافتقارها للقدرة على ممارسة الضغوط على الأصوات الجماعية، وبالتالي فان التحركات الفردية غير قادرة على حصد النتائج بصورة سريعة، خصوصا وان الجهود المشتركة تعطي ثمارها سريعا، بخلاف العمل الاحادي الذي ينهك صاحبه اولا، ويحرمه من الحصول على المكاسب بالصورة المثالية ثانيا.

اختلاف وجهات النظر في معالجة الملفات امر طبيعي، وليس مستغرب على الاطلاق، خصوصا وان كل طرف ينظر للقضايا من زاوية مغايرة تماما عن الطرف الاخر، الامر الذي يوجد نوع من تضارب، وتباعد الاّراء، في معالجة القضايا على اختلافها، بيد ان تضخيم وجهات النظر، وعدم معالجتها بطريقة سليمة في المطبخ الداخلي، يهدد تلك التحالفات ويمهد الطريق للاختراق الخارجي، نظرا لافتقارها للسرية في تناول القضايا، وبالتالي فان الأسلوب المستخدم في مناقشة الملفات، يحدد مصير التحالفات احيانا، بمعنى اخر، فان احترام وجهات النظر، واستخدام أدب الحوار، وعدم التجريح اثناء النقاشات، يسهم في تدعيم البناء الداخلي للتحالفات، نظرا لاعتماد قواعد صارمة للحفاظ على كرامة الاطراف، والحيلولة دون خسارتها، جراء استخدام اساليب الجاذبة على الدوام، والامتناع عن نشر الغسيل الداخلي على الملأ.

كاتب صحفي