متطوعون بلا دعم
لم تغفل خطة المستقبل السعودية، وأحد أهم جوانب تطويرها [رؤية السعودية 2030] جانب العمل التطوعي والخيري إذ تطمح من خلال رؤيتها إلى تطوير هذا المجال ورفع نسبة عدد المتطوعين من 11 ألفاً فقط إلى مليون متطوع قبل نهاية عام 2030 ويمثل العمل الخيري قيمة إنسانية كبرى تتمثل في العطاء والبذل بكل أشكاله، فهو سلوك حضاري حي لا يمكنه النمو سوى في المجتمعات التي تنعم بمستويات متقدمة من الثقافة والوعي والمسؤولية، فهو يلعب دورا مهما وإيجابيا في تطوير المجتمعات وتنميتها فمن خلال المؤسسات التطوعية الخيرية يتاح لكافة الأفراد الفرصة للمساهمة في عمليات البناء الاجتماعي والاقتصادي اللازمة كما يساعد العمل الخيري على تنمية الإحساس بالمسؤولية لدى المشاركين ويشعرهم بقدرتهم على العطاء وتقديم الخبرة والنصيحة في المجال الذي يتميزون فيه.
ولقد قامت الخدمات التطوعية الخيرية بلعب دور كبير في نهضة الكثير من الحضارات والمجتمعات ونشر الأفكار عبر العصور بصفتها عملا خاليا من الربح العائد وليست مهنة، بل هي عمل يقوم به الأفراد لصالح المجتمع ككل ولقد حفل التراث الإسلامي ابتداء بتأصيل العمل الخيري عقائديا بما ورد من آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة شواهد تعزز من قيمة العمل الخيري ومنها قوله تعالى: ﴿ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون﴾ وفي هذه الآية تأكيد على اقتران العمل التطوعي بالعبادة ورضى الله سبحانه وتعالى كما أكدت ذلك الأحاديث الورادة في فضل العمل الخيري وهي كثيرة أيضا ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن لله عبادا اختصهم لقضاء حوائج الناس حببهم للخير وحبب الخير إليهم أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة».
لا تخلو الأعمال التطوعية من صعوبات جمة تقف عائقاً لإستمراريتها في ظل العزوف الحاصل للمؤسسات الحكومية والأهلية من تبني تلك المبادرات الشبابية وتقديم الدعم المادي من جهة ومن جهة اخرى صعوبة الحصول على التصاريح اللازمة لممارسة الأعمال الخيرية والتي تصطدم بكم هائل من القوانين الصعبة والمستحيلة رغم توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد بتقديم الدعم اللازم للمجموعات والمبادرات التطوعية ورفع نسبة الأعمال التطوعية على مستوى المملكة كما اسلفنا سابقا وهي بلا شك رؤية حكيمة لما فيها من فوائد تساهم في نهضة ورفعة المجتمع السعودي ولاننسى أن هناك الكثير والكثير من الفرق التطوعية والمبادرات في انتظار الاعتراف بها كمبادرات رسمية من قبل الجهات المختصة والتي اتمنى أن ينظر لها بعين الإعتبار قريبا.