آخر تحديث: 9 / 5 / 2024م - 4:16 م

معرض لأميركية يرصد تحولات في السعودية لمدة 3 عقود

جهات الإخبارية مريم آل عبد العال - العربية. نت

وثقت المصورة الأميركية، دورثي ميلر Dorothy Miller في عام 1947م، أثناء عملها لصالح شركة الزيت العربية الأميركية عبر عدستها، سيرة خاصة ليوميات النسوة في شرق السعودية، وأحوال المكان والعمران، لمدة 3 عقود من التحولات في مئات الصور.

وتجولت ميلر بين المدن والقرى، بين الجبيل والخبر والدمام، والأحساء، والظهران، والقطيف.

وتناولت مبادرة ”غرفة ذاكرة“ عرض 16 صورة من أعمالها في معرض بعنوان ”خطوات إلى الماء“ الذي انطلق في محطته الثالثة والأخيرة قبل أيام، لصور دورثي التي تعد شهادة كثيفة عن لحظة زمنية مهمة في السعودية، وذلك احتفاءً بتجربتها في توثيق يوميات المرأة في القطيف في مطلع السبعينيات، وبالتحديد المشي الجماعي إلى العيون النباعة حيث تمضي النسوة يومها.

ويستعيد المعرض حقبة السبعينيات، عبر مزاوجة ما وثقته ”دورثي“ من صور بالصوت، بتوظيف الذاكرة الشفاهية لنسوة عايشن مسيرة النساء اليومية حينها إلى عيون القطيف، العيون التي كان يبلغ عددها 360 عيناً بحسب الموثق منها، والتي نضبت مطلع التسعينيات.

وبادرت دوروثي بعد عودتها إلى أميركا إلى تسجيل وإيداع رصيدها الثمين من الصور في جامعة جورج تاون والتي منحت حقوق استخدام الصور في هذا المعرض الاستعادي.

من جهته، قال ”أثير السادة“ أحد القائمين على المبادرة، إن المعرض جاء رغبة لإعلاء القيمة الثقافية للصورة بالدرجة الأولى، وإعادة تدويرها ضمن سياق الثقافة المحلية، مشيراً إلى أن الصورة ليست فقط للفرجة المجانية، بل هي مادة معرفية يحاولون من خلال مفردة الماء التي جسدتها الصور إنتاج مادة معرفية، أو حدث ثقافي.

وقدم المعرض بإشراف كل من ”حسن شطي، ويوسف عبدالله، ونسيم عبدالجبار، وأثير السادة“، بدأ بإصدار كتاب مطبوع يحمل محتوى ثقافية حول ذاكرة الماء في المنطقة التي وثقها الباحث والشاعر عدنان العوامي بعنوان ”عيون القطيف.. الفردوس الموؤود“.

وتم إشراك منحوتات للنحاتين الحرفيين ”حيدر ورضا العلوي“ من القطيف اللذين قدما 4 منحوتات لنسوة يحملن على رؤوسهن قرب الماء والمستوحاة من عالم الصور المعروضة، فضلاً عن توثيق للذاكرة الشفاهية أعدتها زينب سلمان عبر محاورة لنسوة قضين سنوات في هذه الفترة الزمنية.

خطوات إلى الماء

ويحاول المعرض أن يقدم منعطفا عن التحولات الكبرى في محافظة القطيف، عن طريق تناول أدوار المرأة الاجتماعية والاقتصادية أثناء قيامها بدور السقاية وغسيل الملابس، وهو طقس جماعي والمُشَاهد من خلال الصور، الذي يشبه المنتدى اليومي حيث يلتقي النسوة ويتبادلن الأحاديث ويمارسن حضورهن الاجتماعي في هذا الفضاء المفتوح.

ويعقب الناقد الفني أثير السادة، أن هذه اللحظات هي جزء من ذاكرة شفاهية ما زال يحكيها الناس، ما دفعهم لجمع الصور بشهادات شفاهية تستنهض المعنى المستبطن داخل هذه الصور، والمعنى المفقود، لافتاً إلى أن الصورة وحدها لا تتحدث عن كل شيء، إذ إنها بحاجة إلى استناد سرد قصصي يعيد المعنى من داخل الصورة، إضافة إلى المعاني الأخرى التي يستشفها المشاهد والمتلقي، حين يتواصل بصرياً مع هذه المجموعة من الصور.

دورثي وإنسان الشرقية

ويرى أن دورثي ميلر بالنظر إلى رصيدها الفوتوغرافي، كانت مشغولة بشكل واضح في الجانب الإنساني، وثقت الحياة الاجتماعية في أكثر من موقع، عبر زياراتها المتعددة، سواء لأهل البادية في تصويرها للبدو في الصحراء، وأهل الحضر في الأحساء وفي القطيف، ومتى ما وجدت الفرصة كانت تذهب لهذه الأماكن لتوثق صور شخصية ”بورتريه“.

وتركزت صور ”دورثي“ لنسوة وأطفال ورجال في لحظات العمل والحياة اليومية، حيث كان هذا الهاجس بارزاً في تجربتها الفوتوغرافية، ويعتقد ”أثير“ أن صور المعرض وإلى جانب مجموعاتها الأخرى لم تكن مهام موكلة لها من قبل ”أرامكو“، والتي كانت مهام بدافع ذاتي، فظهرت مندفعة باتجاه الممارسة الفوتوغرافية.

وأعرب عن أن ما قامت به يبدو كدرس استكشاف للوضع الاجتماعي الذي كانت تحياه، باعتبارها وافدة على هذا المجتمع لذلك تعيش لحظة دهشة في مقارنة بين ما هم عليه، من تطور ومستوى مادي واجتماعي مستقر ومجتمعات تعيش تحولات، أو تعيش حالة جديدة في نهوضها الاقتصادي والاجتماعي.

معارض استعادية

ويتطلع القائمون على مبادرة ”غرفة الذاكرة“ إلى الاستمرار في استثمار الصورة عبر معارض استعادية أخرى، باعتبار أن كل صورة هي بمثابة مشروع ذاكرة، بتشجيع الآخرين لتقديم ما يملكون من صور فوتوغرافية أرشيفية، ومحاولة استشفاف موضوعات ذات قيمة للمعارض اليوم التي تترك تاريخها وراءها.

ويحاولون إيجاد سرديات تعيد ترميم الذاكرة التاريخية وتقديمها للأجيال القادمة، وهي مبادرة تتطلع في محتواها للكثير، وتعمل على أن تكون المحطة التالية قريبة جداً على موضوع وثيق الصلة بالبيئة المحلية سيعلن عنه في حينه.