آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 7:41 م

نبات الريحان.. رفيقنا من المهد إلى اللحد مرورا بفراش الزوجية

جهات الإخبارية نداء آل سيف، تصوير: أحمد الصرنوخ - القطيف

تستذكر الحاجة أم حسين شلي استخدامات الريحان قديما فتبتسم قائلة ”تستخدمه النساء من أجل إغراء الأزواج“، مشيرة إلى أن المرأة قديما تستحم بماء الريحان كمعطر للجسم لقوة رائحته التي تعد أفضل العطور وقتها.

هكذا كان الريحان رفيقا للإنسان وحاضرا بقوة وفي جميع المناسبات.. السعيدة والحزينة، وصولا حتى القبر، وكأن هناك ثمة قصة ارتباط وثيق بينه وبين مناسباتنا المختلفة.

لا يمر حفل ”جلوات“ العروس وليلة الحناء إلا بتجهيز عشرات سلال السعف المملوءة بأعواد الريحان الخضراء وازهارها البنفسجية. كما لا تكاد تخلو جنازة شاب أو شخصية لها مكانتها الاجتماعية الا وترى أعواد الريحان تغطيها إلى جانب الشال الأخضر.

الريحان​والريحان هو النبتة العطرية التي يطلق عليها بالإنجليزية“Holy Basil”، يحمل العديد من الأسماء العربية مثل الحوك أو الحَبَقُ. وينتمي إلى العائلة الشفوية التي تضم النعناع، الزعتر، الخزامي، الزعتر البري، النابلسي والمردكوش.

وتقول الحاجة شلي التي جاوزت السبعين من العمر ”كانت المرأة تتزين بوضع وريقات من الريحان على صدرها أو نهاية ظفائرها لإظهار جمالها ومحاسنها“.

وتشاركها أم سيد كمال الرأي في أهمية تزيين المرأة بالريحان لجذب الزوج، لافتة بأن المرأة كانت في الماضي تستقبل زوجها الذي يغيب في البحر بتزيين السرير بأوراق الريحان تعبيرا عن الحب والشوق.

​من جهته أفاد الباحث التاريخي عبد الرسول الغريافي بأن الريحان ارتبط منذ القدم بالمناسبات السعيدة والحزينة على حد سواء، مشيرا إلى بعض النقوش النباتية للريحان التي وجدت على لوحات زخارف المنازل القديمة وكذلك على هيئة صور فوق جدران المغارات والمعابد والجبال لأشخاص تحمل الريحان.

وأشار إلى أن الريحان يطلق عليه أهل القطيف مسميان أحدهما أسمه الحقيقي ”الريحان وقد اشتق أسمه هذا من الرائحة الزكية لما له من عبق فواح، والآخر استعاري وهو“ المشموم " وهو أيضا مشتق من شم رائحته الزكية.

ويقول الغريافي أحيانا يطلق عليه مسمى الريحان عندما تكون شتلاته لاتزال مزروعة وعند قطفه «وشكه كقلائد» او وضعه في الأواني أو عند استخدامه يطلق عليه مشموم.

وتذكر آل شلي أن الريحان كان يوضع أثناء الزفاف في صواني الشموع المثبتة بعجينة التمر وتزين بالريحان في وسطها تعبيرا عن الفرح والسرور.

وتشتهر زراعة الريحان في بلاد الهند حيث يُشكّل الريحان جزءاً هاماً من الثقافة الهندية والهندوسية، ويسمّونها عشبة السعادة. حيث تعبد بعض الأسر الهندية الريحان في الصباح والمساء كأحدى التقاليد المنتشرة لديهم.

وذكر الغريافي انه عند موسمه وخصوصا في الربيع نجد النساء يتسابقن على الحصول عليه وخصوصاً أن بعض الفلاحين أو الباعة يملؤون زنابيلا كبيرة تعرف بالمرحلة ويضعونها على جانبي الحمير ويطوفون بها الأحياء معلنين بأصوات مرتفعة عن بيع قلائد ومشكوكات الريحان والتي يتخللها أحيانا براعم الورد او «الرازقي» أي الفل البلدي ذو الرائحة الفواحة أيضا.

وأضاف عن إهتمام النساء بلبسه كعقود يتدلى من أجيادهن ما يزيدهن غبطة وسرورا تماما كما يعبر عنه في أيامنا هذه علميا «بأنه يجلب الطاقة الإيجابية لهن» ويزددن تفاؤلا ويتباهين به مع بعضهن.

وتشير مصادر بأن الريحان يُستخدم زيته العطري لتعطير الملابس والأثاث حيث يوضع داخل الملابس وبين ثنايا الفرش. وفي الولايات المتحدة عملت شركات على زراعته لاستخلاص زيته العطري بشكل تجاري..

وأوضح الغريافي أن الفلاح كان يدخل على أحبته وهو حاملا في يديه باقة من الريحان تعبيرا عن تقديره لهذا الشخص ويتبادلون عبارات خاصه عند الاهداء كأن يقول المهدى اليه للفلاح بشرك الله بطول العمر ويرد عليه وبنبيك.

ومضى يقول إن المزارعين كانوا يتهادونه فيما بينهم عندما يخرج أحدهم من حقله وهو قاصد حقل جاره الذي يعرف انه لم يزرع الريحان يحمل في يديه غصنا من الريحان او باقة منه فيعطبها اياه اثناء السلام او يضعها بجانبه في العريش اثناء تحدثهما.

من جهتها أشارت الأخصائية إيمان آل عبيدي إلى أن الريحان يعتبر من الأعشاب العطرية التي تنتمي إلى الفصيلة الشفوية والتي تضم نباتات النعناع أيضاً، مبينة انه غني بفيتامين A، K، C، والمغنيسيوم والحديد والبوتاسيوم والكالسيوم.

وقالت ”يحتوي 100 غم من الريحان على 22 سعرة حرارية فقط، لذا فالريحان ذو قيمة غذائية عالية وسعرات حرارية قليلة“.

وكشفت دراسة أجريت في عام 2013 في «NCBI» بأن عشبة الريحان تساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان الرئة والجلد والكبد وتجويف الفم، ولقد خلصوا إلى ذلك تبعاً للمواد الكيميائية العطرية التي تحتوي عليها مثل: مركب الأوجينول والأبجنين وغيرها، ويتضح بأن هذا التأثير يعود إلى قدرته على زيادة نشاط مضادات الأكسدة.

آل عبيدي التي تعمل أخصائية تغذية في مستشفى الملك فهد التخصصي، أوضحت خصائص الريحان في مساعدته على الوقاية من بعض الآثار الضارة للشيخوخة، مشيرة إلى أنه يستخدم لفتح الشهية، وتحسين عملية الهضم، ومدر للبول، بالإضافة إلى أنه يقلل أمراض والتهابات العين الموسمية لغناه بڤيتامين A.

وأفادت بأنه يقوي الجهاز المناعي في الجسم لإحتوائه على مضادات الأكسدة ويعالج الإلتهاب الرئوي ونزلات البرد كما يخفف من آلالام الروماتيزم.

وذكرت ال شلي أن النساء الكبيرات قديما تحمل ابريق به ماء ويؤتي بطبق عميق ويوضع فيه الريحان وتعرف هذه العادة «بتدويس الريحان» ومن ثم يمد كلا من العريس والعروس رجليهما اليمنى وتثبت تلك المرأة اصبعيهما الكبيرين المتقابلين ويصب من فوقه الماء مع قراءة بعض الآيات والأدعية.

يمكن القول إذن ان نبات الريحان، بلا منازع، كان رفيق مجتمعاتنا من المهد إلى اللحد مرورا بفراش الزوجية.