آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

يا فتى ضاقت بك الحيل؟

هل مرَّت عليك ساعةٌ أوثقتكَ فيها حبالُ الصائد؟ أيقنتَ أن الحلقةَ ضاقت حولَ جسدكَ كله، ليس فقط المعصم والرقبة. فعلتَ ما يفعله المحتاج، صليتَ ومشيتَ في الأرضِ وسعيتَ ودعوتَ لكنها لم تفرج!!

تلذذ بالصحةِ والسلامة فلن يلتذَّ بشيءٍ آخر من لا يملك الصحةَ والسلامة ثم ارفع صوتكَ واطلب من القوةِ المطلقة ”الله“ إذا عجزتَ أن تكسرَ الحلقة فهو حتماً يفعل، سلمه مفتاحَ أمرك وارتاح. الله يعرف أنه مرت بك غيومٌ كثيفة فليس بعدَ الغيوم إلا البرق اللامع.

نقل الدميري في كتابه حياة الحيوان الكبرى تحت عنوان «الزرياب» أن رجلاً خرجَ من بغداد ومعه أربعمائة درهم لا يملك غيرها فوجد في طريقه أفراخَ زرياب فاشتراها بالمبلغ الذي كان معه ثم رجعَ إلى بغداد فلما أصبحَ فتح دكانه وعلقَ الأفراخَ عليها، فهبت ريحُ باردة فماتت كلها إلا فرخاً واحدا وكان أضعفها وأصغرها فأيقن الرجلُ بالفقر ولم يزل يبتهل إلى الله تعالى بالدعاء ليلهِ كله ويقول يا غياثَ المستغيثين أغثني، فلما أصبحَ زالَ البردُ وجعل ذلك الفرخ ينفش ريشه ويصيح بصوتٍ فصيح يا غياثَ المستغيثين أغثني فأجتمعَ الناس عليه يستمعونَ صوته، فاجتَازت به أَمَةٌ لأمير المؤمنين فاشترتهُ بألفِ درهم.

يحكى أيضاً أن سليمان كان جالساً على شاطئ بحر فبصرَ بنملةٍ تحمل حبةَ قمح تذهب بها نحو البحر، فجعل سليمان ينظر إليها حتى بلغت الماء، فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء ففتحت فاها فدخلت النملةُ فاها وغاصت الضفدعةُ في البحرِ ساعةً طويلة وسليمان يتفكر في ذلك متعجبا، ثم إنها خرجت من الماءِ وفتحت فاها فخرجت النملة من فيها ولم يكن معها الحبة، فدعاها سليمان وسألها عن حالها وشأنها وأين كانت، فقالت: يا نبي الله إن في قعرِ هذا البحر الذي تراه صخرة مجوفة وفي جوفها دودة عمياء، وقد خلقها اللهُ تعالى هنالك فلا تقدر أن تخرجَ منها لطلبِ معاشها، وقد وكلني اللهُ برزقها، فأنا أحمل رزقها، وسخر اللهُ هذه الضفدعة لتحملني فلا يضرني الماء في فيها، وتضع فاها على ثقبِ الصخرة وأدخلها، ثم إذا أوصلتُ رزقها إليها خرجت من ثقب الصخرة إلى فيها فتُخرجني من البحر، قال سليمان: وهل سمعتِ لها من تسبيحة؟ قالت: نعم، تقول: يا من لا ينساني في جوفِ هذه الصخرة تحت هذه اللجة برزقك لا تنس عبادكَ المؤمنين برحمتك.

إن كنتَ تشك فاسأل من تاهَ في عرضِ البحر ونجا، ومن ضلَّ طريقه في الصحاري وعاد، ومن مرضَ وشفي، ومن افتقرَ ثم استغنى، ومن استضعفه عدوه واستقوى، من أنجاهم؟!

ولئنْ نزلتَ بكلِّ دارٍ ساعةً
وسمعتَ من كلِّ امرئ شكواهُ
لعلمتَ أنّك في الحياةِ منعَّمٌ
فاحمدْ كريماً لا إلهَ سواهُ

مستشار أعلى هندسة بترول