آخر تحديث: 5 / 5 / 2024م - 7:57 م

كلنا مسؤول‎

علي صالح البراهيم

أثارت فنانة عربية الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، حينما خرجت بمقطع فيديو على أحد المنصات برأي يخصها. وطبعا انقسم الناس كما هي العادة الجارية لأي موضوع يثير الرأي العام إلى قسمين مابين مؤيد مدافع ومابين معارض.. وهي برأيها هذا ترد فيه على استياء البعض من قصور دور الفنانين من مطربين وممثلين والى آخره على التمثيل والفن فقط، ولم نشاهد منهم مايفيد فيقدمونه للعالم في ظل الأزمة الحالية التي أطلت على العالم منذ ديسمبر الماضي والمعروفة بجائحة كوفيد 19. وبررت أن الدور الآن غير ملقى على عاتقهم، فهم فنانين وليسو أطباء وهذه الأزمة من يتصدى لها هم الاطباء أنفسهم والطاقم الصحي ككل دون غيرهم إيمانا منها بمبدأ الاختصاص ويقينا لايقبل الشك أن أنظار العالم متجه إلى مايقدمه الطب لا الفن من حلول، بدءا من دراسات علمية محضة ومستفيضة، وانتهاءا بلقاح فتاك يقضي على هذا الفايروس اللعين ويريح الناس من شره.

هنا لي وقفة مع هذا الموضوع وأنا طبعا مع الفئة الثانية المعارضة لها بشدة، وأكاد أجزم أن الكثير من زملائها الفنانين لا يتفقون كذلك معها لا قلبا ولا قالبا فيما ذهبت إليه. فلطالما سمعنا منهم أن الفن رسالة وهدف وأنه يسلط الضوء على الكثير من القضايا الاجتماعية، فبين طياته يستنكر ويشن هجوما على العادات والتقاليد الجاهلية ويمقتها أو يبين الفساد المالي والإداري المستشري في بعض المؤسسات أيا كانت أو يقدم حلولا في عدة مجالات أخرى. فقد تشاهد الفنان يتسلم دور الطبيب ويتكلم من وحي الطب بمعلومات فريدة ومنظمة وصحيحه، وحينما يشاهده الطبيب الحق يدرك أن ما يتفوه به هذا الممثل فعلا له علاقة بالطب والأطباء. وكذا لو تسلم دور الاستشاري النفسي ويأتيه من يطلب المشورة نجد أن هذا الممثل يبدي معلومات لها طابع نفسي وإدراك حسي رائع لحجم المشكلة وبالطبع يكون أهلا للمشورة. وكذا لو أخذ دور المحامي فأنه يفكك القضية ويفلها وينكب ممعنا فيها مستندا على أدلة وبراهين تدعم قضيته، ليكتب له النجاح في نهاية الأمر ويخرج البطل بنهاية الفلم متسلما صك البراءة ويتم إيداع المجرم الفعلي السجن فتأخذ العدالة مجراها الحقيقي. وبالطبع من يشاهد هذا الفنان «المحامي» يشاهد عبقرية فذة لامثيل لها ولا يملك إلا الانبهار والإعجاب والتصفيق لإجادة هذا الدور. وأمثلة أخرى كثيرة يطول المقام لذكرها كلها وهنا أكتفي.

أقول قد نجد أن حسابات بعض الممثلين على منصات التواصل الاجتماعي تحمل الكثير من المتابعين. فقد يتجاوز حساب البعض منهم أكثر من 5 ملايين متابع، في حين لايتجاوز حساب طبيب شهير حتى ألف متابع وهنا مربط الفرس كما يقال...

فباستطاعة هذا الفنان عبر حسابه استضافة طبيب ما، ويطرح عليه عدة أسئلة تتعلق بجائحة كورونا فيجيب عليها هذا الطبيب، وهنا بالتأكيد الملايين من متابعيه سوف يستفيد ويفيد بالتالي ينقلونها عبر حساباتهم الى غيرهم فتنتشر كانتشار النار بالهشيم..

وباستطاعته كذلك تقديم معلومات سهلة وبسيطة حول كيفية انتفاعهم من أوقات فراغهم وقت الحظر، بقيامه مثلا بتنفيذ بعض التمارين الرياضية المناسبة لجميع الأعمار والحالات الصحية، ويطلب منهم القيام بها حرقا للوقت وللسعرات الحرارية كضرب لعصفورين بحجر واحد، وبالإنكباب على المطالعة والقراءة فكما نهتم بتمرين عضلات الجسم كذلك نهتم بتمرين عضلة العقل لتحدث موازنة بين الاثنين. وأمثلة أخرى كثيرة لاحصر لها.

وهنا أرجع إلى عنوان المقال، بأننا كلنا مسؤول لاتظن أن الطبيب أو الممرض أو الحكومه هم المسؤولين فقط في القضاء على هذه الجائحة، ونبقى مكتوفي الأيدي نشاهد وننتظر الفرج والخلاص غير مبالين بما يجري. بل بقائك بالبيت وعدم خروجك إلا للضرورة القصوى هو جزء من هذه المسؤولية. أيضا محاربتك للشائعات التي تثير البلبلة والمخاوف والذعر في أوساط المجتمع وتتمحور حول تحليلات غير منطقية لا اساس لها من الصحة هو جزء من هذه المسؤولية. أيضا إبلاغك عن مخالفين حينما ترصد أو تلاحظ تجمعات خارج منع التجول عبر تطبيق «كلنا أمن» أو بالاتصال على رقم «999» في كافة مدن ومناطق المملكة أيضا هو جزء من المسؤولية.

يقول أفلاطون: الشخص الصالح لا يحتاج القوانين لتخبره كيف يتصرف بمسؤولية، أما الشخص الفاسد فسيجد دائماً طريقة ما للالتفاف على القوانين.

اللهم اصرف عنا الوباء بلطفك يالطيف إنك على كل شيء قدير.