آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 8:56 ص

آل المحسني أسرة علمية أحسائية في الدورق «1»

محمد علي الحرز

مدخل:

الهجرة الأحسائية إلى الدورق:

يصعب التكهن بالتاريخ الدقيق لهجرة الأحسائيين إلى الدورق، لأن الهجرة فيها فردية ومنها جماعية، والذي يعنينا بشكل كبير الجماعية لأنها شكلت فارقاً في الوجود الأحسائي هناك، ولكن بحسب عدد من القرائن التاريخية، نجد إن الهجرة الأحسائية الأولى بدأت بعد منتصف القرن العاشر الهجري، وبالتحديد سنة 967 هـ ، وقد توزعت إلى مناطق مختلفة البحرين البصرة عمان هرمز نجد وغيرها من المناطق [1] .

ثم تلتها هجرة جماعية أخرى بدعم وتشجيع من بعض أعلام المنطقة كالشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي والشيخ عبد المحسن اللويمي والشيخ أحمد بن محمد المحسني وغيرهم من الأعلام، خلال العقد الأول من القرن الثالث عشر الهجري، ليلتحقوا بأنباء عمومتهم في مختلف البقاع السابقة وغيرها.

إلا أن البصرة وسوق الشيوخ والزبير كانت من أهم التجمعات السكانية الأحسائية وأكثرها كثافة، ومرجع ذلك لعدة أمور:

- إنها منطقة زراعية تشبه البيئة الأحسائية الشهيرة بنخيلها ومناطقها الزراعية.

- اتحاد اللغة العربية بحيث لا يجد النازحون صعوبة في التفاعل والاندماج مع السكان المحليين.

- الاتحاد في العقيدة والمذهب، وهذا الأمر لم يقتصر على الشيعة فقط، وإنما من مختلف المذاهب الإسلامية، فالجنوب العراقي كان يشكل أحد أهم مراكز المذهب الحنبلي في المنطقة لذا شهد في نفس الفترة هجرة من أتباع المذهب الحنبلي في الأحساء، ومنهم الشيخ محمد بن عبد الله آل فيروز، وعدد من تلاميذه.

- تشابه الأجواء والطقس بين البلدين، فهي ليست بالمنطقة الحارة ولا الباردة، وإنما الاعتدال في الجو، مما جعل اختيارها محفزاً ومرغوباً لدى الأحسائيين.

- وجود المنطقة على مسافة قريبة من المراقد المقدسة في العراق، مما يسهل مسألة الزيارة والمجاورة لأضرحة الأئمة في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة.

- إن الأحسائيين بهجرتهم الجماعية نقلوا البيئة الأحسائية معهم بجميع متعلقاتها من عادات وتقاليد، إلى نشاطات دينية من صلاة جماعة ومجالس حسينية، بل حتى المسميات الأحسائية لمناطقهم أخذوها معهم، فقاموا بإنشاء قرية في الزبير عرفت ب «الحسائية»، نسبة للأحساء موطنهم الأم، كما أطلقوا اسم العديد من أحياء الأحساء على الأحياء والفرقان هناك ك «العتبان» [2] ، «النعاثل» [3] ، و«الكوت» [4] ، وغيرها.

كل هذه العوامل ساهمت في اختيار العراق كخيار أول للهجرة الأحسائية ذات الكثافة السكانية الكبيرة، إلا أنه بعد فترة زمنية ليست بالطويلة حصل ازدحام في السكان الوافدين والسكان المحليين مما تسبب ضيق في سبل العيش وأماكن السكن إلى غيرها من العوامل الأخرى.

فكان الخيار حدوث هجرة أخرى تلي الهجرة الأولى إلى الساحل الفارسي بحيث تكون بقوة لا تقل عن الهجرة الأولى، ينقسم بها المهاجرين بين المنطقتين، وذلك لامتلاك تلك المنطقة نفس الموصفات الموجودة في الجنوب العراقي من حيث الأهمية والبيئة والطقس والمحيط، إلا أن الخيار أوسع وأكبر والمناطق والقرى أكثر، لذا انتشر الأحسائيون على المناطق والقرى العربية المختلفة بمنطقة خوزستان في عبادان والأهواز والمحمرة وغيرها، وبهذا تم الانتهاء من الازدحام السكاني والضيق في الرزق.

وقد تميز هذا الخيار بقربه من مقر الهجرة الأولى مما جعل المهاجرين على تواصل دائم مع أبناء عمومتهم في الجنوب العراقي، والتزاور في المناسبات المختلفة.

وضمت الهجرة الثانية أعداد كبيرة من المهاجرين، ولكن الرحلة كانت على شكل أفراد تارة، ومجموعات تارة أخرى، واستمرت عدة سنوات إلى أن ساد الاستقرار التام والتكيف مع البيئة الجديدة.

بقى أن نشير إلى أن الأسر الأحسائية لم تتفق كلمتها على شكل الهجرة والقبول بها، لذا قررت مجموعة المكوث في الجنوب العراقي وعدم مغادرته بعد أن أنهكها التعب وإعياء السفر، بينما فضلت مجموعة أخرى إكمال الطريق والنزوح بالكامل إلى الساحل الفارسي بحثاً عن مكان أكبر وأوسع، في حين حدث انقسام في بعض الأسر فأكمل الهجرة شطراً منهم، وفضل البقاء القسم الآخر.

إلى مدينة الدورق:

الدورق وتعرب أيضاً ب «الفلاحية» «بالفارسية: شادگان» هي إحدى مدن أقليم الأهواز «عربستان»، فالمدينة تسمى الفلاحية والقضاء يسمى الدورق وتعد مركز أمراء إِمارة الأهواز قبل بناء مدينة المحمرة، وتقع الفلاحية على بعد حوالي 97 كيلومتر من الأهواز.

أسسها السيد خلف بن مطلب المشعشعي بعد أن سمل أخوه مبارك عينيه خوفاً من منافسته، على طريقة أهل ذلك الزمان،، وأتت تسمية الدورق بسبب عائلة الدورق التي تقطن هناك.

وكانت الدورق أحدى هذه الخيارات الأحسائية للهجرة يقود الركب إليها الفقيه والعالم البارز الشيخ أحمد بن محمد المحسني الأحسائي، يصحبه جمع من تلاميذه ومحيطيه ومحبيه إضافة إلى عدد من أبناء أسرته.

ومما جعل هذه الهجرة مميزة ووجود الشيخ أحمد المحسني، إن الهجرة إليها كانت علمية في معظمها، بل ونشأت أسر علمية أحسائية نتيجة للأجواء العلمية المحفزة للدراسة الدينية كنتيجة لجهود الشيخ أحمد المحسني وأبناء أسرته، إضافة إلى الأعلام الموجودين في تلك المنطقة من بني كعب وغيرهم.

وسوف نستعرض خلال المقالات القادمة عدد من هذه الأسر الأحسائية المهاجرة إلى الدورق، وما أنجبته هذه العوائل من علماء، قسم كانت هجرتهم من الأحساء، والقسم الآخر تكونت بذرتهم العلمية في بلاد الدورق نتيجة الأجواء العلمية المحفزة لدخول السلك الديني والعلمي.

1. البركات

2. البغلي

3. آل ابن قرين

4. الحدب

5. آل الذكير

6. السلطان

7. السيافي

8. آل شهاب

9. العبدي

10. الغانم

11. القرقوش

12. المزيدي

13. الموسوي

[1]  أحسائيون مهاجرون، محمد علي الحرز، دار المحجة البيضاء: بيروت، الطبعة الأولى: 1431 هـ - 2010م: 16.

[2]  اسم أحد أحياء مدينة المبرز بالأحساء.

[3]  اسم أحد أحياء مدينة الهفوف بالأحساء.

[4]  من أهم أحياء مدينة الهفوف.