آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

عباس الشماسي أيقونة العمل التطوعي في المملكة

أمين محمد الصفار *

رغم تأهيله المهني وإنجازاته المميزة على مستوى التخصص والعمل الوظيفي، إلا أنه عاش بيننا كمصدر لطاقة مشعة تنشر الأمل والعنفوان في سماء العمل الخيري والتطوعي بالمنطقة. كانت روحه العفوية المحبة للجميع وقلبه الكبير يغلف نشاطاته المجتمعية. كان مؤمناً وداعماً لمنح الفرصة للجيل الجديد من الكفاءات الشابة لتولي قيادة الأنشطة التطوعية. سمو أخلاقه وتبسطه يشعرك وكأنك تعرفه منذ أمد بعيد حتى وأن كان اللقاء به هو اللقاء الأول.

يظل المهندس عباس الشماسي أنموذجاً وطنياً للعمل التطوعي على مستوى المملكة، لديه والروح التطوعية المتعالية على الصغائر والتأهيل المميز والحكمة واللطف في إدارة مختلف الإشكالات التي تشوب العمل التطوعي، بل وابتكار الحلول العملية الناجعة.

في لقاء مع بعض الاخوة العرب كان الحديث بيننا حول الشخصيات العالمية التي بذلت جزء سخيًا من ثروتها للأعمال الخيرية المختلفة، وكانت - للأسف - جميع الاسماء التي كان النقاش يدور حولها هي اسماء أجنبية، ثم أخذ الحديث ينحى صوب العتب الشديد على غياب رجال الأعمال العرب عن هذا المضمار الخيري العظيم، وهو ما أثار لدى الامتعاظ من هذا التعميم غير المنصف، فتحدثت بشكل مباشر وبدون أي مقدمات موجهاً سؤالي للحضور: هل سمع أحدكم بشخصية سعودية أسمها الشيخ سليمان الراجحي؟ سكت الجميع بما يعني النفي وفي نفس الوقت تساؤل صامت عن علاقة السؤال بالحديث الدائر، فأخذت استرسل بذكر بعض الأعمال الخيرية السخية التي قامت بها هذه الشخصية وسط ذهول اشبه بالأنكار لما أقول، ختمت كلامي متسائلاً كيف لنا أن نعرف تفاصيل التفاصيل عن الإسهامات الخيرية لشخصيات أجنبية ونجهل شخصيات عربية لها من الاسهامات الخيرية ما هو أكبر من تلك؟

للاسف كانت معظم ردود الفعل على كلامي فيها إلماح إلى أن باعث حديثي هو العاطفة تجاه بلدي وأبن بلدي لأنهم لم يسمعوا بتلك الشخصية فضلا عن الأعمال التي قام بها كما أزعم أنا. لكن سرعان ما قام احدهم بالبحث عن هذه الشخصية عبر محرك البحث ووجد مادة جيدة عن هذه الشخصية وقام بسردها على الحضور مما جعل الأمر يبدو متوازناً بعض الشيء وكفاني عبىء الأثبات.

أبو فاضل قدم تجربة سعودية مميزة في العمل التطوعي لا يمكن اختزالها أو تحجيمها ضمن نطاق المنطقة، فهي قصة نجاح حقيقية، والتعرف على هذه التجربة هو حق لكل فرد في المملكة، فلا ينبغي أن يهضم حق هذه الشخصية الفذة لمجرد أنها عاشت بيننا بكل تواضع ونكران للذات أو لأنها لم تسع للظهور عبر المنصات الأعلامية، أو أن هناك من يريد أن يؤطرها في الإطار الضيق الذي يتناسب مع منظوره أفقه. أنها قصة ونموذج نفخر به ويمثل الوطن كله وهوملك له.

للأسف يبدو أننا انتظرنا هذه اللحظة الآليمة لحظة وفاته المفاجئة كي نتحدث بالقليل مما تستحقه هذه الشخصية العظيمة والروح الكبيرة التي أعطت مجتمعها بسخاء المحب.