آخر تحديث: 14 / 5 / 2024م - 7:58 م

كيف يفطر الملياردير؟

يوسف أحمد الحسن *

لا تزيد قيمة وجبة إفطار الملياردير ذائع الصيت «وارن بافت» كل يوم عن 3,17 دولار «أقل من 12ريال سعودي» يدفعها نقدا لمطعم ماكدونالدز الواقع بين منزله ومكتبه. ويقول بافت في لقاء له في فلم وثائقي مع قناة HBO على الإنترنت بأنه وأثناء حلاقة ذقنه يوميا فإنه يطلب من زوجته بأن تجهز له مبلغ الفطور وتضعه في أحد الكؤوس حيث يلتقطه ويقود سيارته بنفسه نحو المطعم ويدفع المبلغ بعد أن يستلم وجبته التي هي عبارة عن بيض ولحم مقدد ورقائق الجبن إضافة إلى الكوكا كولا الذي يقول إنه يسكبها بنفسه. وهذا الإفطار يكون في حال شعر بأن وضع شركته وأسهمه في وضع ممتاز، أما إذا لم يكن يشعر بارتياح كاف بسبب انخفاض ثروته فإنه يغير تشكيلة إفطاره بحيث تكلف إما 2,61 دولار «أقل من 10 ريال سعودي» أو 2,95 دولار حسب الوضع المالي لشركته.

ولم يغير بافت من عادته هذه «مع عادات أخرى إيجابية» طوال 53 عاما. ولا يفهم من ذلك أن هذا الرجل الذي ناهز التسعين عاما مقتر على نفسه، بل على العكس من ذلك فهو يعتبر الرجل الأكثر سخاء فيما يتعلق بتقديم المساعدات لمجتمعه، حيث قام بأكبر تبرع فردي بحوالي 2,8 مليار دولار على شكل أسهم قدمها لمؤسسة خيرية تابعة للملياردير بيل غيتس ومؤسسات خيرية أخرى وذلك على شكل أسهم. وبالمناسبة فقد دعا صديقه بيل غيتس «الملياردير أيضا» للغداء ذات مرة في نفس المطعم الذي يتناول فيه إفطاره، ودفع قيمة الغداء من الكوبونات المجانية التي يحصل عليها من المطعم.

وهناك أيضا عادات أخرى لدى بافت ساهمت في تكوين ثروته واستمراريتها منها عدم تغييره لمقر سكنه منذ عدة عقود وعدم تغيير سيارته إلا عند الضرورة وعدم الاقتراض أو استخدام بطاقات الائتمان. كما أنه لا يهتم بالماركات التجارية في ملبسه أو في الأجهزة التي يستخدمها كهاتفه الجوال أو غيره.

ولا نقوم هنا بسرد هذه السيرة كترف معلوماتي بل لكي تكون نموذجا طيبا لنا مع النماذج الخالدة في تاريخنا وحاضرنا العربي والإسلامي وأن وفرة المال لا تعني بالضرورة إنفاقه وتبذيره كما أنه لا يعني أن هناك بالضرورة تناسبا بين حجم الثروة ومستوى الإنفاق.

من مقولاته: لا تدخر ما تبقى بعد الإنفاق، ولكن أنفق ما تبقى بعد الادخار.