آخر تحديث: 1 / 5 / 2024م - 6:16 م

الفريق الناجح بحاجة لتنوع وانضباط وتضحيات وتنازلات «2-3»

محمد حسين آل هويدي *

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ «126» صدق الله العلي العظيم - آل عمران.

هناك مقومات للفريق الناجح. وأول من استثمر هذه المقومات رسول الإسلام محمد ﷺ الذي بنى فريقا لا يقهر وبقي متصدرا لمئات السنين. بدأ هذا الفريق يتهاوى عندما مسك العثمانيون زمام الأمور لأنهم فرقوا بين التركي وسواه، حتى أصبحت دولة فاشلة قضت على الحضارة الإسلامية التي بناها الأسبقون الذين لم تكن هواجزهم عرقية أو إثنية. عندما جعل العثمانيون العرق التركي أفضل من سواه، تهاوت تلك الحضارة العظيمة التي بناها العرب وتخلف المسلمون بعد أن تم تفريقهم وتمزيقهم على حسب العرق والمذهب والانتماء.

الولايات المتحدة الأمريكية انتصرت في حرب الثورة على بريطانيا «1775 - 1783». هناك أسباب كثيرة رجحت الكفة الأمريكية بالرغم من عجزها أمام القوة البريطانية العظمى. كان النظام البريطاني هرميا وطبقيا، وهذا ما كتب عنه كارل ماركس. لم يكن الشعب الأمريكي حينها يحمل فروقات طبقية، وإن كان عنصريا. عندما شنت بريطانيا الحرب، تعاون الأعداء على أرض أمريكا ضد بريطانيا، وهؤلاء الأعداء هم البيض والسود «كانوا حينها مستعبدين» والفرنسيون في لويزيانا الذين سدوا نهر المسيسيبي في وجه السفن البريطانية، والإسبان في الجنوب الغربي. هذه التشكيلة كونت فريق لا يقهر أمام أكبر عظمى آنذاك اعتمدت على المستعمر البريطاني التي تحركه الطبقية المقيتة. حتى أصبح الجندي البريطاني يقاتل لأجل مصلحة الأسياد. بينما كان المحارب الأمريكي يناضل لأجل مصلحته ومصلحة قومه. الفريق الجديد الذي تكون في أمريكا هزم الغطرسة البريطانية. ولكن للأسف، ما أن انتهت الحرب مع بريطانيا، حتى عادت حليمة لعادتها القديمة، وتفرق ذلك الفريق الجديد، كل في طريق، إذ سيطر الرجل الأبيض العنصري على زمام الأمور.

في الحرب العالمية الثانية، وبعد أن أحرزت دول المحور تقدما ملموسا في أوروبا وآسيا، كوّن الأحلاف فريقا جديدا أعضاءه أعداء لدودين. من تصور أن تقاتل الولايات المتحدة الأمريكية مع الاتحاد السوفيتي صفا ضد عدوٍ مشترك؟ من تصور أن تقاتل بريطانيا لتحرر فرنسا من قبضة الألمان؟ وفي داخل بريطانيا ذاتها، تكوّن فريق مشترك من علماء رياضيات وعلماء نفس وآخرين لفك شفرات رسائل الجيش الألماني بمباركة هذا الفريق المتنوع وبعبقرية عالم الرياضيات ألن تورينگ «Alan Turing» الذي قلب الموازين ضد ألمانيا والذي ابتدأ علما جديدا نقل العالم إلى الثورة الصناعية الرابعة.

في دورة الخليج الثالثة، عام 1974م، تلقى منتخب المملكة العربية السعودية هزيمة مُرّة بنتيجة 4 أهداف نظيفة. في دورة الخليج السادسة، عام 1982م، في الإمارات العربية المتحدة، لعب منتخب الكويت بالفريق الرديف وذلك حفاظا على الفريق الأول للتصفيات الآسيوية لمونديال لوس أنجلوس لعام 1984م. لعب المنتخب الكويتي بمجموعته الذهبية في التصفيات أمام الفريق السعودي الشاب. عندها، هُزّت شباك المنتخب الكويتي بأربعة أهداف، ولولا صفارة الحكم، لانتهى اللقاء بعشرة، بعد أن تم طرد أحد مدافعي المنتخب الكويتي الذي لم يتصور قوة هجوم المنتخب السعودي بقيادة ماجد عبد الله وزملائه محيسن الجمعان وشايع النفيسة. كان المنتخب السعودي متكاملا ومتنوعا بقيادة المدرب الوطني خليل الزياني. كان الفريق السعودي يضم المخضرمين، من أمثال صالح خليفة، والشباب الغض، من أمثال محيسن الجمعان؛ خبرة ودماء جديدة. بينما المنتخب الكويتي اعتمد على أعضاء منتخبه الذهبي القدماء؛ لاعبون ذوو خبرة، ولكن تنقصهم الدماء الجديدة. ومنذ تلك اللحظة انهزم المنتخب الكويتي نفسيا وتحطم معنويا. وعموما، في تلك اللحظة، أخرجنا المرارة التي تجرعناها في دورة الخليج الثالثة «واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، بم». من هذه المباراة، نستفيد بأن الفريق المتجانس والمتقارب، وإن كان أعضاؤه متميزين، يفشل أمام فريق متنوع في المراحل السنية والخبرات.

وللحديث بقية...

سيهات - دكتوراه في علوم الحوسبة و باحث وكاتب مستقل