آخر تحديث: 18 / 5 / 2024م - 1:23 ص

عنف الأطفال يخلف مجتمع محطم

سماح سامي بوقسمي

العنف ضد الأطفال ظاهرة خطيرة وتعد من أنواع العنف الأكثر خطورة على الفرد والمجتمع حيث إن نتائجه غير مباشرة وناتجة أصلا عن اختلاف في موازيين القوى داخل الأسرة وغالبا مما تترك آثارا سلبية وتحدث خللاً خصوصا عند الأطفال، مما يخلق لديهم على المدى البعيد خصلات معقدة ومهتزة نفسيا وعصبيا، وهذا يؤدي إلى إعادة إنتاج العنف ضد الطفل.

ويقصد به كل ما يوقع الأذى أو الضرر على الطفل سواء أكان هذا الأذى أو الضرر جسميًا أو نفسيًا.

والحقيقة أن الأطفال طالما تعرضوا لشتى أصناف الإساءة على مدى الأزمان والأماكن المختلفة، وكان هذا الواقع وراء ظهور حركة مناهضة العنف ضد الأطفال أو الإساءة إليهم، وإلى ضرورة مراعاة خصوصيتهم كأطفال صغار لهم حاجات تختلف عن حاجات الكبار، ولهم قدر من الطاقة والتحمل أقل مما هو لدى الكبار، والآثار الوخيمة التي تترتب على إهمال شأنهم أو إغفال الفروق بينهم وبين الكبار، بل إنها أصبحت زلة من الزلات تتناولها المعاجم والقواميس المتخصصة في علم النفس والطب النفسي، وكذلك أدلة التشخيص الطبي تحت اسم ”أزمة الطفل المساء معاملته“.

وجدير بالذكر أن ظاهرة العنف ضد الأطفال لا يمكن أن نعتبرها ظاهرة حديثة أو جديدة لكنها قائمة منذ عهود طويلة، لكن ما يميزها في وقتنا الحالي أنها أصبحت متفشية بشكل كبير وبات المجتمع متقبلاً لها بشكل واسع رغم كل محاولات المقاومة، وأصبحت المدارس والبيوت هي أكثر الأماكن التي يوجه فيها العنف ضد الأطفال.

وقد حددت المواثيق والمعاهدات الدولية سن الطفل إلى ثمانية عشر عام، ليصبح أي عنف يمارس على شخص لم يتم عامه الثامن عشر يطلق عليه عنف ضد الطفل.

ومن أهم أسباب تفشي هذه الظاهرة:

الجهل والفقر وحالات البطالة مما يؤثر على الحالة الاقتصادية للأسرة فينصب الغضب على الطفل. وإدمان المخدرات والكحول مما يغيب الشخص عن الوعي فلا يستطيع التحكم بتصرفاته وإرداته والكثير من الأسباب المتفشية في العالم.

إن إنهاء العنف ضد الأطفال ضرورة أخلاقية، ولكنه أيضا أمر حكيم من الناحية الاقتصادية، فهذا العنف إضافةً إلى تأثيره في الأطفال وأُسرهم، يلقي بتكاليف بعيدة المدى على كاهل المجتمع إذ يؤدي في مختلف أنحاء العالم إلى تحويل مسار المليارات من الأموال على الإنفاق الاجتماعي، وإبطاء وتيرة التنمية الاقتصادية واضمحلال رأس المال البشري والاجتماعي والحد بشدة من قدرة الأطفال على تحقيق إمكاناتهم كاملةً، بما يفضي إلى خسائر فادحة يتكبّدها المجتمع.

كما يتعين اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لتعميم مراعاة حماية الأطفال من العنف على جميع مستويات الحكومة وإدراجها في خطة التنمية الوطنية باعتبارها عنصرا أساسياً من عناصر الخطة. ويتعين ضمان حصول المتخصصين المعنيين على ما يكفي من التدريب بشأن آليات منع العنف والتصدي له المراعية لاحتياجات الطفل، وتلقِّيهم التوجيه بشأن منع العنف والإبلاغ عنه والتصدي له. ومن الأهمية الحيوية توفير التمويل اللازم لإنجاح هذه المبادرات.