آخر تحديث: 15 / 5 / 2024م - 1:44 ص

المشاعر عابرة أم باقية؟

كاظم الشبيب

من غرائب النفس البشرية، من ناحية الذاكرة والذكريات، أنها كما تصادف في حياتها حب عابر وحب باقي، كذلك تصادف كره عابر وكره باقي. منها ما يبقى محفزاً لذاكرة الحب ومنها ما يفتئ باعثاً على الكراهية. الحب الذي يتملك المرء ويهز كيانه ويغيره هو حب باقي سواء حب الحبيب أو حب أي شيء أخر كالهوية وأهل الهوية، بينما الحب العابر لشخص أو لمكان أو لزمان فلأنه مرتبط بمتعة وراحة وسعادة مؤقته. والكره الذي يؤذي الإنسان ويصبح كالكابوس الأسود في أيام من حياته فيجعله حزيناً أو يأساً هو الكره الباقي، بينما الكراهية العابرة تكون تجاه شخص ما أو مكان ما أو زمان ما فهو مرتبط بضيق صدر آنٍ وتوتر لحظي سريع. 

كل المشاعر، العابر منها والباقي، لهما تأثير على المرء، حتى رمضان فيه ما هو باق وما هو عابر من المشاعر والذكريات. كذلك هي الذاكرة الجماعية للناس والمجتمعات والشعوب في تشكل هويات الأمم والمجتمعات المختلفة. كما أن للزمان والمكان أثار على الهويات: فمثلاً هناك اوقات تكون عابرة، وأخرى لا تكون كذلك. والأولى هي التي لا تحدث فيها احداث مهمة، ما يجعل حيزها في الذاكرة بسيط. والثانية بخلافها، فالأوقات المحزنة، أوقات الحرمان مثلاً، أو الطفولة المؤلمة، أو ما إلى ذلك. نفس الأمر يقال عن الأمكنة العابرة وغير العابرة. وتتكون مفردات الهوية من تكرار الأزمنة والأمكنة غير العابرة، أو المهمة، والتي تشكل حضوراً مميزاً في ذاكرة الإنسان، وتؤثر بشكل مباشر في توجيه حياته بشكل عام. [1] 

كذلك للحب الباقي والكراهية الباقية بصمات تمتد من الفرد إلى أهل هويته، ومن أهل هويته إليه سواء كان الفرد في مجتمع بدائي أو مجتمع متحضر. فبالنسبة لفرد يعيش في قبيلة أو قرية ستكون فرص تشكل هويات متعددة لديه قليلة، ومن جانب آخر وحتى مع وجود الهويات القليلة فإن المثيرات التي يتعرض لها هي تلك التي تثير لديه انتماءه لقبيلته. لكن الأمر يختلف مع فرد يعيش في مجتمع متحضر، إذ تكثر الهويات لديه من جهة، ومن جهة أخرى يتعرض لمثيرات مختلفة تثير لديه هوياته المختلفة بحسب المواقف والدواعي. [2] 

كل المشاعر العابرة والباقية، الخاطفة والمستمرة، المتحولة والثابتة، لها مكان، صغر أم كبر، في الذاكرة الفردية والجماعية. بالتالي، ممكن استخدامها كأداة نحو الحب ونحو الكراهية. الأمر يعود لمن يحاول استخدامها سواءً للخير أم للشر. ويعود لفهمنا لمشاعرنا وقدرتنا على التحكم فيها.

في المقطعين المرفقين إضافات مفيدة: أسرار المشاعر، كيف تفهم مشاعرك لتدير حياتك؟ 

6 نصائح للتحكم بمشاعرك

وكل عام وأنتم بخير بشهر رمضان المبارك

 

[1] [2]  المواطنة والهوية الوطنية، ص 133 و135، لنخبة من الباحثين.