آخر تحديث: 4 / 5 / 2024م - 3:20 م

الحاجة إلى مزيد من فعاليات التبرع بالدم

في مقالة بعنوان ”العثور على بلاستيك دقيق في دم الإنسان لأول مرة“ نشرت في 24 مارس 2022، ذكر داميان كارينغتون، محرر البيئة في صحيفة الغارديان البريطانية، أن علماء جامعة ”فريجي أمستردام“ الهولندية اكتشفوا التلوث البلاستيكي الدقيق في دم الإنسان لأول مرة، حيث وجدوا الجسيمات المتناهية الصغر في ما يقرب من 80? من الأشخاص الذين تم اختبارهم.

ويظهر هذا الاكتشاف إمكانية انتقال هذه الجسيمات في جميع أنحاء الجسم وقد تستقر في الأعضاء. ورغم أن تأثيرها على الصحة غير معروف حتى الآن، إلا أن هناك قلق لدى الباحثين لأن البلاستيك الدقيق - بناء على دراسات مختبرية - يسبب تلفا للخلايا البشرية، ومن المعروف بالفعل أن جزيئاتٍ تلوث الهواء تدخل الجسم وتسبب ملايين الوفيات المبكرة سنويا. ناهيك عن إلقاء كميات هائلة من النفايات البلاستيكية في البيئة لدرجة أن البلاستيك الدقيق يلوث الكوكب بأكمله الآن، وليس خافيًا أن الناس يستهلكون الجسيمات البلاستيكية الصغيرة عن طريق الطعام والماء وكذلك استنشاقها، وقد تم العثور عليها في براز الرضع والبالغين.

وقد قام علماء جامعة ”فريجي أمستردام“ بتحليل عينات الدم من 22 جهة مانحة مجهولة المصدر، وجميعهم بالغون أصحاء، فوجدوا جزيئات بلاستيكية في 17 منها. وتحتوي نصف العينات على بلاستيك تريفثالات البولي ايثيلين «PET»، المستخدم بكثرة في قنينات المشروبات، في حين يحتوي الثلث على البوليسترين، الذي تغلف به المواد الغذائية وغيرها من المنتجات، واحتوى ربع عينات الدم على البولي إيثيلين، الذي تصنع منه الأكياس البلاستيكية.

وقد وجدت دراسة حديثة أن البلاستيك الدقيق يمكن أن يتمسك بالأغشية الخارجية لخلايا الدم الحمراء، وقد تحد من قدرتها على نقل الأكسجين. كما تم العثور على الجسيمات أيضا في المشيمة للنساء الحوامل، وفي الفئران الحوامل تبين أن هذه الجسيمات تنتقل بسرعة عبر الرئتين إلى القلوب والأدمغة والأعضاء الأخرى للأجنة.

هذه النتائج مقلقة للغاية للمهتمين بالشأن الصحي، خصوصا مع توقع أن يتضاعف انتاج البلاستيك في عام 2040، ما دعا منظمات غير حكومية وعلماء ونواب في المملكة المتحدة إلى تخصيص 15 مليون جنيه إسترليني للبحث في آثار البلاستيك على صحة الإنسان. كما يمول الاتحاد الأوروبي بالفعل الأبحاث حول تأثير البلاستيك الدقيق على الأجنة والرضع، وعلى الجهاز المناعي. ويومًا بعد آخر، تتضح الحاجة الماسة لمزيد من الأبحاث التفصيلية حول تأثير البلاستيك الدقيق على جسم الإنسان، وإمكانية حدوث تسرطن للخلايا.

لكنه لا ينبغي لنا أن نفقد الأمل بإمكانية تغلب الإنسان على هذه المعضلة من خلال الممارسات المتاحة لديه وتحت تصرفه المحض. فقد نشر موقع ”اشعارات العلم“ «ساينس أليرت «Sciencealert ملخصا لدراسة قام بها باحثو جامعة ”ماكواري“ الاسترالية على 285 من رجال الإطفاء العاملين في خدمة الإنقاذ من الحرائق في فيكتوريا الذين يتعرضون روتينيًا للپوليفلوروأكيل عن طريق رغوة مكافحة الحريق ولديهم مستويات أعلى في دمائهم من عامة السكان، أكدت «الدراسة» أن التبرع بالدم يقلل من المواد الكيميائية الغير قابلة للتحلل «الپيرفلوروألكيل والپوليفلوروألكيل» التي تسبح في مجرى الدم.

فأثناء الدراسة، اختبر الباحثون رجال الإطفاء ال 285، الذين تبرعوا بالدم والبلازما على مدار 12 شهرا. وطوال مدة الدراسة، قدم 95 من رجال الإطفاء الدم كل 12 أسبوعا، وقدم 95 من رجال الإطفاء البلازما كل 6 أسابيع، ولم يقدم 95 من رجال الإطفاء أي تبرعات بالدم أو البلازما. وأظهرت نتائج الدراسة أن التبرع المنتظم بالدم أو البلازما أدى إلى انخفاض كبير في مستويات المواد الكيميائية في الدم مقارنة مع الغير متبرعين، كما تبين أن التبرع بالبلازما كان أكثر فعالية وتسبب في انخفاض المواد الكيميائية في الدم بنسبة 30 في المائة.

ورغم أن الدراسة الأخيرة لم تغطِ الآثار الصحية للمواد الكيميائية أو الفوائد السريرية لانخفاضها في رجال الإطفاء، فإن هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث لفهم النتائج الصحية بشكل أفضل من التعرض للمواد الكيميائية، ومعالجة ذلك بشكل ناجع. لكنه، وبناء على نتائج دراستي جامعة ”فريجي أمستردام“ الهولندية وجامعة جامعة ”ماكواري“ الاسترالية، ينبغي علينا قدر الإمكان الاحتياط في استخدام المواد البلاستيكية في تسخين وتغطية المواد الغذائية. كما ينبغي عليها المشاركة بفاعلية في حملات التبرع بالدم، فقد ينتج عن ذلك انخفاض المواد الكيميائية المتناهية الصغر في دمائنا.

وختامًا، ننتزهز الفرصة لنشكر المستشفيات والجمعيات الأهلية على شراكتها الفاعلة في تشجيع المواطنين على التبرع بالدم، ونشد على أيدي المسؤولين فيها ونطالبهم بالمزيد من التعاون في تنظيم فعاليات التبرع بالدم وتحويلها إلى عمل روتيني في المجتمع.