آخر تحديث: 6 / 5 / 2024م - 1:44 ص

كم من مغفورٍ له في ”صفوى“ أمس؟

كان خطاب الحاضرين في صفوى - القطيف - يوم أمس السادس والعشرين من نيسان/أبريل، في وداع المتوفين بسيطًا جدًّا: نحن نفرح جميعًا ونحزن جميعًا!

أطال اللهُ في أعماركم، جميل جدًّا أن يموتَ المرء في بلدته، بين قومه وعشيرته، يعتني به المؤمنون، يشيعونه إلى مثواه الأخير، ويقدمون السلوةَ والعزاء لأهله، كم من النَّاس يموت في غربة، لا يعرفه فيها أحد؟!

تشتاق المقابر وتتأهب للقاء المؤمنين أينما ماتوا، إلا أن إغماض عيني الأخير بين أحضان إخوتي وأقربائي وأحبابي أقرب إلى قلبي ”إن المؤمن إذا مات تجملت المقابرُ لموته، فليس منها بقعة إلا وهي تتمنى أن يدفن فيها، وإن الكافر إذا ماتَ أظلمت المقابرُ لموته، وليس منها بقعة إلا وهي تستجير بالله أن لا يدفنَ فيها“.

حضور المشيعين ظاهرة اجتماعيَّة يصفها النبيّ محمد صلى الله عليهِ وآله: ”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى“. يوم أمس اشتكى العضو ”الصفواني“ من ألمٍ حادّ، على أثره انتقل الألم حادًّا وقويًّا إلى بقية الجسد ”القطيفي“ وما أبعد، فحضروا متعاطفين باكين وداعين الله أن تكون هذه الحادثة المفجعة الكبيرة آخر الحوادث.

زواج أهل القطيف مفرح وتشييعهم مفجع، وفي كلا الحدثين يحضر المجتمع ويشارك، ظاهرة وإن تشابهت فيها المجتمعات، إلا أن القطيف وتوابعها أعلى وأبين. ظاهرة اجتماعيَّة ترسم البهجةَ في أوقات الحزن، كما ترسمه في الفرح. يوم أمس تداعت الحشود من مدينة صفوى ومن خارجها، جسدًا واحدًا مرصوصًا كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا، كلهم يحس بالألم كما أهل المتوفين.

طوبى لمن حضر وطوبى للميت! ”إذا ماتَ المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلًا من المؤمنين فقالوا: اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، قال الله تبارك وتعالى: قد أجزتُ شهاداتكم وغفرتُ له ما علمتُ مما لا تعلمون“. إن للميت المؤمن كرامات عند الله ”إذا ادخل المؤمن قبره نودي: ألا إن أول حبائكَ الجنَّة، وحباء من تبعكَ المغفرة“.

قومٌ تعاونوا في المسرَّات والأحزان ما ذلوا! ظاهرة اجتماعيَّة لا يغيب عنها لا الشبان ولا كبار السن. حضروا مع أنهم صيام، وفي الجو شيء من الحرارة. خالص الرَّجاء والطلب من الله أن يأتي يوم العيد ويغسل، ولو قليلًا، من أحزان الفاقدين، وتهب ناحيتهم رياحُ الفرحِ من جديد، عوضًا عما عصفت بهم من رياحِ أحزان، هي الحياة لا حزنَ فيها يدوم ولا فرحَ يدوم!

مستشار أعلى هندسة بترول