آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

«مضوا إلى الجنة زمَرَا..»

أحمد شرف السادة

ذهب الذين عليهم وجدي
وبقيت بعد فراقهم وحدي
من كان بينك في التراب
وبينه شبران فهو بغاية البعد
لو كشفت للمرء أطباق الثرى
لم يعرف المولى من العبد
من كان لا يطأ التراب بنعله
وطأ التراب بناعم الخد


تتفاوت الابتلاءات التي يتعرض لها الإنسان في هذه الدنيا الفانية وحسب درجة شدتها وألمها تكون ردة فعله.

وهنا يتفاوت الناس أيضا في استجاباتهم، فالبعض يستسلم على أثرها لدرجة أن يفقدَ توازنه الإيماني والنفسي والمعنوي لا سمح الله وهنا قد يخرج المرء عن دائرة الإيمان إلى دائرة السخط وهذا الصنف بعيد عنا إن شاء الله.

وهنا ليس أمام «الفاقد» مهما كانت شدة المصيبة ونوعها إلا أن يتسلح بعدة أسلحة وأولها سلاح الصبر لذلك جاءت البشرى لهم في الآية الكريمة ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ.

لأن الصبر هو الذي يُعيد التوازن النفسي والمعنوي إلى الإنسان، ويُضمد قواه الداخلية ويُظهر ما في بواطن العبد من النور والصفاء.

الصبر سلاح المريض لكي يشفى وسلاح التاجر لكي يربح وسلاح الفاقد لكي يُسّلِمَ لقدر الله، ولذلك فإن السلاح الثاني هو سلاح الخضوع والتسليم لإرادة الله وقضائه فهو تبارك وتعالى من يجودُ على عباده بلطفه وهو من يقدٌر حكمته

وقبل ليالٍ كان المؤمنون في مساجدهم يقرأون دعاء الجوشن في ليلة القدر مرددين بصوت خاشعِِ

يا من أنعم بطَوله
يا من أكرم بجوده
يا من جاد بلطفه
يا من قدَّر بحكمته
يا من حكم بتدبيره
يا من دبَّر بعلمه
يا من تجاوز بحلمه

سبحانك يا لا إله إلا أنت الغوث الغوث خلصنا من النار يا رب...

سلاح الذكر والحمد على المصيبة

﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

أحياناََ يغفل الإنسان عن ربه عند نزول البلاء خصوصاََ إذا كان البلاء كارثياََ كما مرَّ على هاتين العائلتين الكريمتين.

في أحلك الظروف وأصعبها لا ملجأ إلا بالتعزي بعزاء الله وهذا ما أمر به سيد الشهداء العقيلة زينب سلام الله عليها أن تعزي بعزاء الله فإن أهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون.

وهنا رسالة إلى عائلتي الملا وال درويش الكرام أنه صحيح أن المصاب جَلَلْ لكنكم لم تنفردوا بالحزن والألم لوحدكم بل توجَّع معكم المجتمع بل الوطن بأكمله.

وهذا في الحقيقة مظهر جلي للتكاتف المعنوي في مجتمعنا الطيب أهلُه.

من المهم هنا أن أشير إلى نقطتين:

1. حتى لا يكون تفاعلنا ناقصاََ ومقتصرا على الجانب العاطفي فقط يجب أن نواجه مشاكلنا من جذورها ونضع الحلول والمعالجات الحقيقية، المسألة ليست مسألة وعي فقط بخطورة هذا الملف أو ذاك الملف بل أن تكون لدينا الشجاعة والجرأة والتقدير في اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب.

2. النقطة الثانية هي عنوان فقط لكن يحمل بين طياته معانٍ لا تخفى على ذي لُبْ وهي «ما بين السبق الصحفي وأخلاقيات المهنة خيط رفيع»، يتمثل في مراعاة مشاعر ومعاناة الفاقدين وليس التسابق لنشر وتصوير ما يزيد نزفاََ من جراحاتهم.

السلوة في هذه المصيبة يا أحبابنا من عائلتي الملا وآل درويش ومجتمعنا الكبير من الدمام والبحرين والأحساء والقطيف وصفوى الحزينة بل والوطن الغالي كله أن الله تعالى اختار هؤلاء الشهداء للقائه بحكمة وتدبير..

لا نظن أن هذه الرحلة الملكوتية زماناََ وطريقةََ تمت هكذا دون تخطيط الهي.. فهم صائمون وفي العشر الأواخر من رمضان وفي ليال القدر الشريفة ومناسبة مصاب أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام.

في آخر رسالة للمرحوم أبي مؤيد كان قد أرسلها لإخوانه وأصحابه يطلب منهم الدعاء في هذه الليال بالرحمة والمغفرة والجنة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ وطننا الغالي من كيد الكائدين وأن يحرس أجيالنا ومجتمعاتنا وأفراد أسرنا بعينه التي لا تنام وبعزه الذي لا يضام

صبَّ الله على قبورهم شآبيب رحمته ورضوانه

الفاتحة.

الكلمة التأبينية في فاتحة #شهداء_الصوم
جامع الرسول الأعظم ص
صفوى
27 أبريل 2022