آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

عندما ظنت البليلة أنها لحمة

فراس حسين الشواف *

من الحكايات الطريفة حكاية بعنوان «الْحِمَارُ فِي جِلْدِ الْأَسَدِ» لكاتب إغريقي اُشتهر بكتابة الحكايات التي تنسب إليه المسماة ”خرافات إيسوب“ ما بين «620 ق. م-564 ق. م» ولعلنا لا نعرف الكثير عن حياة هذا الكاتب، ولكن يُعتقد أنه كان عبداً وعاش في القرن السادس قبل الميلاد. لم يكتب الأساطير بنفسه إنما أصبحت جزءاً من التقاليد الشفوية لتلاوة القصص التي دُونت في آخر الأمر من قبل معاصريه. ويعتبر إيسوب الإغريقي رائدا هذا النوع من القصص الخيالية بلا منازع، ولا يُعرف الكثير عن حياة هذا الفيلسوف والمبدع الكبير لكن المؤرخين متفقون على أنه ولد عبداً، لكنه استرد حريته فيما بعد واستطاع أن يحصل على كثير من الشهرة والصيت بفضل أساطيره الفلسفية المعبرة وقد سافر إلى العديد من البلدان حتى انتهى به المطاف ضيفا على بلاط ملك ليديا الذي اصطفاه واحتضنه بعد أن توسّم فيه الكثير من إمارات البراعة والذكاء. «جزئية التعريف بالفيلسوف مقتبسة من ويكبيديا»

”الْحِمَارُ فِي جِلْدِ الْأَسَدِ“ هيا حكاية لحمار عثرا عَلَى جِلْدِ أَسَد، كَانَ الصَّيَّادُونَ قَدْ تَرَكُوهُ فِي الشَّمْسِ لِيَجِفَّ، فَلَبِسَهُ وَمَضَى إِلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ، وَعِنْدَمَا قَدِمَ إِلَيْهِمْ فَرَّ الْجَمِيعُ مِنْ أَمَامِهِ، سَوَاءٌ مِنَ النَّاسِ أَوْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، فَكَانَ مَزْهُوًّا بِنَفْسِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي غَمْرَةِ ابْتِهَاجِهِ رَفَعَ عَقِيرَتَهُ وَأَخَذَ يَنْهَقُ، فَكَانَ أَنْ عَرَفَهُ الْجَمِيعُ، وَجَاءَ صَاحِبُهُ فَأَوْسَعَهُ ضَرْبًا بهراوته لِمَا بَثَّهُ مِنْ رُعْب وما لَبِثَ أَنْ جَاءَ ثَعْلَبٌ إِلَيْهِ وَقَالَ سَاخِرًا: «لَقَدْ عَرَفْتُكَ مِنْ صَوْتِكَ.»

هذه القصة الطريفة لإيسوب تحكي واقعا نعيشه جميعًا على المستوى الاجتماعي والعملي على حد سواء فهناك الكثير ممن يلبسون عباءة ليست لهم ويرون أنهم الأصلح والأكفاء على شغل هذا المنصب أو ذاك بل وتعدوا هذه الحدود وصولًا إلى التدخل في كبائر الأمور وصغائرها، وإن صح التعبير سوف اسمي هذا الكائن «الموظف الحشري» الذي ينخر في أصول الشركة ويستنزف مواردها ويسهم في القضاء على فعالية الفرق وإنتاجيتها، هذا الكائن العجيب من السهل التعرف عليه فهو مصاب بداء العظمة لايخطىء أبدا ورأيه صواب بلا تردد وليس هناك طريقة لعمل شيء ما إلا بطريقته ولا يتردد في رفع شعار «أنا أعرف كل شيء» أما خلق المشكلات والعراكات الجانبية فهي تخصصه الرئيسي.

السلوك النرجسي هوا من يمارس صاحبه الغرور والتعالي على الآخرين ولا سيما زملاء العمل. قد يقابلك في الممرات ولا يرد التحية، وقد تتحدث إليه في الاجتماع فيوجه كلامه للرئيس ولا يلتفت إليك. وأكثر من ذلك قد يرفض المشاركة في فريق عمل لأنه لا يليق بمستواه. نظرية المؤامرة تعشعش في ذهنه، ولكن بالمقلوب هذه المرة، فهو من يكيد المؤامرات، وهو من يدير المؤسسة بعقلية المخابرات بفروعها الاستثمارية المتعددة. تتحول بعض المؤسسات فجأة من دار للإنتاج والعمل إلى مقر للغيبة والنميمة، وتحليل الشخصيات، ودراسة الحالات المستعصية وغير المستعصية، ودراسة مدى تأثير اللوبيات على الأفراد والمجتمعات، والفاصل بين الأولى والثانية هو موظف لا يميزه شيء سوى أنه مريض نفسي!

هذا النوع من الموظفين يجب اقتلاعه من الجذور والتخلص منه واستبداله بموظف آخر لديه القدرة على التجاوب والعمل من خلال المشاركة الفعالة مع الآخرين لا من خلال التعامل بمقولة «إن لم تكن معي فأنت ضدي».

يقول سبحانه وتعالى في محكم آياته بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ صدق الله العظيم ويروى عن الإمام أبي الحسن علي بن محمد الهادي قوله: ”ألقوا النعم بحسن مجاورتها، والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها..“ والشكر هو تصوّر النعمة وإظهارها، وهو على ثلاثة أوجه: شكرٌ بالقلب؛ وهو تصور النعمة، وشكرُ اللسان؛ وهو الثناء على المُنعِم، وشكرٌ بسائر الجوارح؛ وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقها وأيضا «من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق» فكل الشكر والتقدير بعد الله سبحانه وتعالى لكل شخص ساهم في نجاحي وتقديم المعونة بالفعل والقول ممن كنت تحت إشرافهم من أبناء المملكة أو من الأخوة العرب.

الأستاذ والأخ نايف الحسن، الأستاذ والأخ محمد البرغوثي، الأستاذ والأخ ياسر الكردي، الأستاذ والأخ أحمد خليل والكثير ممن عملت معهم وتعلمت منهم وكانوا سببا بعد الله في الوصول إلى ما أنا عليه فكل الشكر والتقدير لشخصهم الكريم.

حسابات التواصل الاجتماعي:
تويتر: AlshawafFeras@
انستقرام : alshawaf_feras
سناب شات : feras-hussin
فيس بوك: Al-shawaf Feras