آخر تحديث: 16 / 5 / 2024م - 10:27 ص

حب التنافس وكراهية الصراع

كاظم الشبيب

المتأمل في حياة البشر عبر صفحات التاريخ الإنساني يجد أن مؤشر صراع الهويات ما فتأ عن الحركة بين الصعود والهبوط على مدار الزمن، وكأن الصراع بين الهويات هو طبع بشري وحالة تفرضها مصالح وحاجات الناس، وبالتالي تتوزع مشاهد الحب والكراهية بين أبناء الجنس البشري، هذا ما قد يتبادر للذهن، لا سيما مع استمرار عجلة صراع الهويات في عصرنا الحاضر. 

هو أمر قد يثير الكثير من الأسئلة نحو المزيد من التفكير والتأمل والبحث، مثلاً: هل الصراع بين الهويات أصل طبيعي بين البشر وفق نوازعهم الفطرية ومتطلباتها؟، هل الصراع بين البشر مجرد نتيجة لتكاثر البشر وتضخم تعدادهم، وبالتالي تتوالد الانقسامات البشرية داخل كل هوية إلى هويات فرعية تستقوي وربما تصارع هويتها الأم أو تصارع أخواتها في الهويات ضمن حروب متتالية؟!، هل طبيعة التنافس تقود إلى صراعات حتمية؟... إلخ. 

هناك فرق بين التنافس الطبيعي وصراع الاستقواء. الأول مشروع والثاني في غالبه مصطنع في مطابخ الهويات السياسة. مثال: لقد لعبت الحروب، طوال التاريخ، دوراً خطيراً في تأجيج نار الكراهيات وإيقاظ النزعات العدوانية الشريرة بين القوميات والطوائف والجماعات الدينية والقبلية والمناطقية. ويمكن التذكير، في هذا السياق، بالكراهيات المصطنعة والمغرضة والتحريضية التي اختلقتها وسائل الإعلام في يوغسلافيا السابقة، ”ففي العام 1987 نشرت الصحف الصربية صورة فوتوغرافية التقطها صحافي من بلغراد في بريكالي بكوسوفو، الإقليم الصربي المأهول بأغلبية ألبانية مسلمة. وتحت عنوان“ الأم البريكالية" تظهر في الصورة امرأة صربية تعمل في الحقل محاطة بأطفالها. وكانت بندقية معلقة على منكبها، وكشفت الصحف أن المرأة تحتاج إلى السلاح لحماية نفسها وحماية أطفالها من الإرهابيين الألبان الذين يعذبون الصرب ويقتلوهم ويغتصبون زوجاتهم وبناتهم. وقد أثارت الصورة اصداء إعلامية واسعة وروعت صربيا بأسرها. وأسفرت مئات الصور المماثلة والمقالات الصحافية وساعات من البرامج التلفزيونية بأنباء حول اضطهاد الصرب في كوسوفو، عن إرهاب عم البلاد وكراهية لألبان كوسوفو. وبعد بضع سنوات اتضح أن الصورة تزوير ذكي قام به الصحافي الذي هو نفسه من وفر البندقية المعلقة على كتف المرأة. وكان كل شيء قد انتهى فالدعاية على هذا النحو أدت الغرض المطلوب منها. * 

في المقطع المرفق إفادة غير مباشرة للموضوع بعنوان تنافس المخلوقات الحية: 

 

* كراهيات منفلتة ص 154 - 155