آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 11:51 ص

ثقافة الإشتراك في التأمينات الاجتماعية

محمد باقر النمر

نظامُ التأمينات الاجتماعية في العالَم هو نظامٌ قديمٌ، ويهدف - كما هو معروف - إلى ضمان تقديم الرعاية الاجتماعية من قِبَلِ الدولِ لمواطنيها أثناء العمل، وضمان استمرار ذلك خلال فترة ما بعد التقاعد من الوظيفة، وتولي الدولُ أهميةً بالغةً لهذا النظام، لما فيهِ من نفعٍ وتقليلِ أضرارٍ على الناس، وعليه فلدى كلِ الدولِ هيئاتٌ أو مؤسساتٌ معنيةٌ بشؤون التقاعدِ تقدم التغطية التأمينية لمواطنيها.

في عامِ 1969م وبمرسومِ ملكي تأسست المؤسسة العامة للتأميناتِ الاجتماعية في بلادِنا، وذلك لرعاية العمال والموظفين في القطاع الخاصِّ، وتم تطبيقُ نظام التأمينات عامِ 1973م، وفي عامِ 2021م دُمجت المؤسسة العامة للتقاعدِ المعنية بمعاشاتِ تقاعدِ موظفي الدولةِ، مع المؤسسة العامةِ للتأميناتِ الاجتماعية المعنية بموظفي القطاع الخاص، ليكون الهيئة الكيان الموحد أكثرَ تنظيماً وكفاءةً وجودةً في تقديم الخدمات، لَحِقَ ذلك في عامِ 2022م حصول المؤسسةِ على شهادةِ الآيزو الدولية نظيرَ تحقيقها معاييرَ الجودةِ العالمية.

ونظامُ التأميناتِ يَهْدِفُ بالضرورة إلى الحصولِ على:

• راتِبٍ تقاعديٍّ، حدهُ الأدنى 2000 ريالٍ تقريباً، وفي حدهِ الأعلى 45000 ريالٍ، وهو معتمدٌ أساساً على النسبةِ المقتطعةِ من الراتِبِ خلالَ فترةِ العملِ والمدةِ المقرَّرةِ.

• معاشٍ لذوي صاحبِ العملِ في حالِ الوفاةِ.

• تعويضاتٍ عن إصاباتِ العملِ المهنيةِ.

• معاشُ العجزِ غيرِ المهنيِّ، كالإصابةِ بأمراضٍ مزمنةٍ تعيقُ عن العملِ.

• عنايةٌ طبيةٌ للمصابينَ بإصاباتِ العملِ.

وتقتطعُ المؤسسةُ العامةُ للتأميناتِ الاجتماعيةِ بشكلٍ شهريٍّ جزءًا من راتِبِ الموظفِ المسجَّلِ لديها، مُدنيًا كانَ أو عسكريًا ذكرًا كانَ أو أنثى، لتبدأ في صرفِ راتِبِ شهريٍ حينَ العجزِ أو انتهاء الخدمةِ المقررةِ نظامًا، وهي خمسةٌ وعشرونَ عامًا «300 شهر» عملٍ، أو بلوغِ الستينَ عامًا.

كان الاقتطاع إلى ما قبل سنوات قليلة معقولا، فقدره بالتقريب 12% من أصل الراتب ثم صار 18% مناصفة بين رب العمل والموظف، وأصبح الآن 22% يتحمل صاحب العمل 12% والموظف المشترك 10% من أصل الراتب الأساسي، وهو كثير نسبيا بالمقارنة مع دول كثيرة، خاصة إذا ما عرفنا أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحقق سنويا أرباحا طائلة، ولم يحدث أن حققت خسائر تذكر في استثماراتها العابرة للقارات.

ولذا أتمنى على المؤسسة أن تعيد النظر في نسبة الاقتطاع سواء على المشترك أو جهة عمله.

كما أتمنى على المؤسسة رفع الحد الأدنى لراتب التقاعد بحيث لا يقل عن 5000 ريال نظرا للوضع المعيشي الضاغط اليوم على طبقة ذوي الدخل المحدود في القطاعين الخاص والعام.

غير أن ما أردت التنبيه عليه هنا، هو ضرورة بث ثقافة التسجيل، بل التسجيل المبكر، في نظام التأمينات الاجتماعية لتحقيق الأهداف المشار إليها خاصة وأن الفترة الزمنية الأولى لتسجيل شاب دخل سوق العمل، غالبا ما يكون الاقتطاع في حده الأدنى مقدورا عليه، وهنا نشيد بالشركات الوطنية التي تتحمل نيابة عن العامل أو الموظف السعودي كامل المبلغ المقرر اقتطاعه لصالح التأمينات.

طبعاً، هناك نسبة وتناسب وعملية حسابية ليست معقدة للأشخاص الراغبين في زيادة رواتبهم التقاعدية، وتبدأ تلك العملية من سن الخمسين، تحديداً، بزيادة سنوية قدرها 10% على الراتب المسجل، لكي يحظى المتقاعد براتبٍ أفضل، ولكن عليه بطبيعة الحال أن يتحمل ويدفع أكثر. وهي عملية حسابية متناغمة بين الدفع الشهري والراتب المستهدف تحقيقه من قبل الشخص. ويستثنى من ذلك موظفو الدولة أو من هم في الشركات الكبرى. وأفضل الخيارات في حال صعوبة الزيادة هو ما يعرف بالتسجيل الاختياري لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وهو ممكن ومتاح للجميع، بمعنى ليس بالضرورة أن يكون الشخص موظفاً في القطاع العام أو الخاص ليحظى بالراتب التقاعدي وامتيازات المؤسسة العامة للتقاعد.

أتمنى من الجميع تشجيع ذويهم ومعارفهم وكل أبناء المجتمع والوطن، من فئة الشباب خاصةً، وحتى الكبار، على الاهتمام بالتسجيل، وأن يتحملوا أعباء الاشتراك حتى وإن كانت مكلفة على البعض. لكن فيها فائدة ومنفعة كبيرة على المدى البعيد وحتى القصير في حال لا قدر الله أصيب الشخص بإعاقة أو وافته المنية. حرسكم الله وكل من حولكم.