آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

خطأ القاتل للمنشآت الناشئة

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

أبدأ بقصة. قبل نحو أربعة أعوام، قرر أصدقاء لي تناول قهوة المساء في مقهى كان قد أفتتح مؤخراً. في الموعد المحدد التقينا فيه، مكانٌ أنيق ومبهج بالفعل. طلب أصدقائي أكواباً من القهوة وتفريعاتها، فيما طلبت شاي، وقوبلت باعتذار لبق ممن يتلقى الطلبات، مازحتهُ قليلاً مُعَدداً مزايا الشاي، ثم اكتفيت بطلب قارورة ماء. بعد دقائق أتى بالطلب بنفسه، لنكتشف أن المحل أسسه شريكان هو أحدهما. وتطرقنا لموضوع الشاي، فأخبرني أنه أحد الزوايا الحادة بينه وبين شريكه، فأحدهما، على حد قوله“شغفهُ”شاي والآخر شغفه ”قهوة“.

ما ”الشغف“؟ وهل هو مهم لنجاح المنشأة؟ الشغف ليس حالة عاطفية، مثل الحب والكره، فالعواطف قد تكون إيجابية أو سلبية وقد تكون مجرد شعور عابر. أما الشغف فهو تطلعٌ وارتباط، وهو بالتأكيد مهم لنجاح المنشأة؛ فالشغف يغذي الدافعية والتحفيز، ويوقد الابتكار، ويولد قدرة على الصبر والمثابرة لاستيعاب التحديات رغبة في تحقيق الحُلّم. وإن لم تكن شغوفاً في مشروعك فمن الصعب تصور أنكَ ستنج. وهكذا، فالخطأ الفادح هو ألا يعرف صاحب المشروع شغفه الحقيقي، وألا يفرق عنده أكان مشروعه متجراً في منصة تجارة الكترونية، أو محلاً بيع قهوة، أو مطعماً، أو وكالة لإرشاد سياح! الشغف ليس عاطفةً تهب وتفترّ، فهو فعل لتحقيق هدف.

نعود للقصة، بعد أشهر انفصل الشريكان؛ الذي شغفه القهوة استحوذ على المقهى، وشريكه أسس دكاناً للشاي. عندما زرته لتناول ”استكانة شاي“، وأخذ يحدثني عن الشاي، تملكني شعور أني أمام من يريد أن ”يستعيد الشاي مكانته“ باعتباره مشروبنا الأكثر تغلغلاً وانتشاراً، وما هي إلا أشهر قليلة حتى تعدد أفرع مقهى القهوة وفروع دكان الشاي. أن تكون شغوفاً يعني أن تملك حلماً وتفعل كل ما في وسعك لتحقيقه.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى