آخر تحديث: 3 / 5 / 2024م - 1:34 م

موقعية العرفان بين المدارس الفكرية

علي شكري آل سيف

كان علم العرفان ولا يزال عامل جذب لكثير من الشباب المتدين، وقد ارتبط هذا العلم بأسماء متعددة لامعة في سماء الوسط الديني سواء صحّ هذا الارتباط أم لا منها على سبيل المثال لا الحصر: السيد عبد الأعلى السبزواري والسيد روح الله والسيد شهاب الدين المرعشي والشيخ محمد تقي البهجة وغيرهم الكثير.

ويُوجد الكثير من الأعلام ممن يتصف بكونه عرفانيًّا من الدرجة الأولى، ولكن ليس بالضرورة أن يشتهر ذلك وإنما قد يُستكشف ويُستوحى من آثارهم.

ولعلّه من هذا الباب ما يُنقل عن المرجع الأعلى في عصره السيد محسن الحكيم قدس سره:

”من وصل لم يبح ومن باح لم يصل“.

والظاهر أن رقعة انتشار أدبيات علم العرفان في الأوساط الشبابية أكبر من شقيقته الحكمة «الفلسفة» ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن علم الفلسفة أكثر انغلاقا لو جاز التعبير.

نعم حين نتحدث عن الوسط العلمي المحض، فإن مدرسة الحكمة المتعالية بما لها من امتداد ترى أن الفلسفة تقارن العرفان والعرفان يلاصق الفلسفة كيف لا ومشيّد أركان هذه المدرسة أعني صدر المتألهين الشيرازي سعى بحسب اعتقاده إلى الجمع بين القرآن والبرهان والعرفان.

وثمّة مدارس معرفيّة أخرى لا تقلّ شهرةً عن المدرسة السالفة، وإن اختلفت بقاعها الجغرافية في الجملة.

فهناك مثلا المدرسة الكلامية وهي بحسب الظاهر المدرسة السائدة لدى الفقهاء.

وهناك المدرسة المعروفة بالتفكيكية التي ترجع إلى الميرزا مهدي الأصفهاني صاحب نظرية التفكيك بين المعارف الوحيانية والنتاج البشري المتمثل في الفلسفة والعرفان.

وهناك مدرسة الشيخ الأوحد الأحسائي الذي حاول بحسب نظره إلى تشييد حكمة قائمة على الروايات الشريفة لا تحيد عنها قيد أنملة.

وهناك المدرسة المشّائيّة والمدرسة الصوفيّة، كما أن هناك اتجاهات وليدة مقلِّدة ولذا لم ترقَ بعدُ لتصبح مدرسة مستقلة.

والحريّ بحمَلة العلم المنتسبين إلى أيّ مدرسة كانت ألّا يكون لهم انحيازٌ لغير البرهان فكما يُقال دائما:

نحن أصحاب الدليل أينما مال نميل.

فالعلم القائم على البرهان هو المنجّز والمعذّر كما يصطلح الأصوليّون وهو الحجّة للعبد بين يدي ربّه تبارك وتعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

أسأل الله جلّ وعلا أن يجمع الكلمة ويلمّ الشمل إنه سميع مجيب.

والحمد لله رب العالمين

وصلى الله على خاتم أنبيائه المبعوث رحمة للعالمين وآله الطاهرين.