آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 2:29 م

تحية شكر وتقدير وعرفان لمكرمي الموتى

حسين الدخيل *

قال الله تعالى ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . «التوبة 105».

أبدأ مقالي بتحية شكر وتقدير واحترام وإجلال وعرفان لجميع مكرمي الموتى في العالم رجالا ونساءً صغاراً وكباراً وبالخصوص في محافظة القطيف وقراها.

لقد سجل هؤلاء الأبطال أروع الأمثلة في إكرام الموتى على مر السنين وهنيئا لهم هذه الخدمة المباركة.

مكرمو الموتى من مغسلين ومكفنين وحفارين لهم الفضل الكبير على الجميع وكلمة شكر أو ثناء لا تفي بحقهم ومهما أكتب فأنا مقصر بحقهم وهم منسيون من المجتمع. إذا توفي أحدهم تذكر محاسنه وأعماله وصفاته وخصاله للمجتمع، وهذا واقعنا المر للأسف الشديد.

مكرمو الموتى يتقلدون وسام الفخر والعز والشهامة والفزعة والنخوة وخدمة المجتمع، فهم نذروا أنفسهم لهذه الخدمة الإنسانية الاجتماعية التطوعية من تغسيل وتكفين وحفر القبور ويعملون بصمت بعيدا عن الأضواء ويعملون بالخفاء ليلا ونهارا وفي أجواء قاسية في الحر والبرد والأمطار والغبار ويبذلون الوقت والجهد الكبيرين وحضورهم للمغتسل والمقبرة في أوقات متأخرة أو مبكرة ليقدموا الواجب برحابة صدر وسعادة من تغسيل وتكفين وحفر للقبور وبعض الأحيان يكون أكثر من شخص متوفي في وقت واحد، وكل هذا بدون مقابل فقط ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.

وكما ورد في كتاب الوسائل عن الإمام الصادق قال: «من غسل ميتا فستر وكتم عليه خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه».

وورد عن أبي جعفر  قال:

«من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة».

وعن أبي جعفر  قال: «من حفر لميت قبرا كان كمن بوأه بيتا موافقا إلى يوم القيامة».

وتغسيل الميت فرض كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين.

فمكرمو الموتى لهم الفضل على الجميع، لأنهم يقومون عنا بأداء هذا الواجب الشرعي المكلفين به، ونحن مدينون لهم فمن منا لم يغسل ويكفن ويدفن أحدا من أقربائه.

والجميع شهد وعاش فترة مرض كورونا «Covid-19» الماضية ومرورنا بكابوس مخيف كأنه حلم حيث مر علينا هذا المرض اللعين الذي أخذ منا أعز الأحبة والأصدقاء.

ماذا فعل هؤلاء الأبطال بموتانا وكيف تعاملوا معهم فترة انتشار هذه الجائحة وهذا المرض كورونا «Covid-19» في محافظة القطيف تعاملوا معه بكل أريحية، ومعاملة المتوفي العادي فقاموا بتغسيله وتكفينه ودفنه مكرما في أحسن صورة ووقفوا بدون خوف أو تردد وواجهوا هذا المرض بكل شجاعة وإصرار وتحد له وهم يعلمون خطره وفتكه وقوة انتشاره.

وهم معرضون في أي لحظة بإصابتهم به، وربما موت أحدهم، وكانوا في الخط الأمامي لهذا المرض الفتاك، وكان همهم أن يكرم الميت المصاب بهذا المرض مثل غيره.

وكانت محافظة القطيف تتقدم الصدارة في تكريم الميت المصاب بمرض كورونا ويضرب بها المثل الأعلى في إكرام موتاهم من جائحة كورونا وإلى يومنا يذكرون لها هذا الصنيع الجميل الذي أذهل دول الخليج والعالم بأسره.

سمعنا بعض دول العالم كيف يدفنون ويحرقون موتاهم المصابين بهذا الوباء والمرض الفتاك حيث عملوا مقابر جماعية لهم ودفنوهم بها بدون تغسيل أو تكفين ولا يعرف أهالي المتوفين أين قبور موتاهم.

الحمد والشكر لله كانت محافظة القطيف مميزة بهذا العمل الجبار في إكرام موتاهم وهذا يعود لجهود هؤلاء الأبطال مكرمي الموتى بمحافظة القطيف.

وشهدنا أيضا أمطار الأسبوع الماضي في يوم الخميس الموافق 2 نوفمبر 2023 ميلادي، وبعد هطول الأمطار الشديدة وما تسببت في إتلاف القبور بمقابر محافظة القطيف ونداء للحملة التطوعية التي أطلقتها جمعية الفردوس لإكرام الموتى بمحافظة القطيف بالتعاون مع جمعيات المحافظة لتعديل وردم وصيانة وستر القبور المتضررة التي سقطت وتهاوت من جراء سقوط الأمطار وسارع هؤلاء الأبطال بجميع لجان إكرام الموتى وجميع قرى محافظة القطيف بدون استثناء والعمل على قدم وساق والمتطوعين بوجه السرعة وتلبية النداء وشمروا عن سواعدهم بكل حب وتفان لتعديلها والقيام باللازم حيالها.

وعلى سبيل المثال تم تعديل 175 قبرا في مقبرة الخباقه فقط، وقس على ذلك مقابر قرى محافظة القطيف.

ورغم الحادث الأليم الذي عاشته القديح الحبيبة بفقدها أحد كوادر العمل التطوعي والاجتماعي المرحوم الشاب يحى علي الحصار لم يتوقف العمل في مقابر القديح بل واصلت تلك اللجان عملها وإهداء ثواب العمل لروح الفقيد يحيى الحصار هذا هو الوفاء أيها المخلصون.

فكل الكلمات من شكر وثناء لا تفي حق هؤلاء الأبطال وعلى المجتمع أن يكرمهم ويحترمهم ويشجعهم ويحفزهم ويقف معهم على هذا العمل الطيب، وهم تاج على رؤوس الجميع ووجودهم نعمة علينا وعلى المجتمع وهؤلاء لا ينتظرون شكرا من أحد وهم ممن تمشي على أيدهم منافع العباد ولهم الفضل علينا جميعا لما يقدمونه من عطاء وتضحية، فهنيئا لهم على هذا العمل المخلص لله سبحانه وتعالى وجزاهم الله خير الجزاء والإحسان وفي ميزان حسناتهم وأعمالهم الطيبة.