آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

الضيف ينزل بِرزقه ويرتحل بذنوب أهل البيت

عبدالله الحجي *

حثت الشريعة السمحاء على إكرام الضيف وتم اقترانه بالإيمان بالله عز وجل كما قال رسول الله ﷺ: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه. [1]  بل أنَّ إكرام الضيف قد كان حتى قبل الإسلام كما ورد في في قصة نبي الله إبراهيم مع ضيفه من الملائكة. قال تعالى: ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ [2] .

فوائد وآثار إكرام الضيف

إكرام الضيف وإطعام الطعام من المستحبات التي لها ثواب عظيم وفيها زيادة ونماء في الرزق وغفران الذنوب ولها آثار اجتماعية كثيرة كالتكافل والتلاحم والتواصل وكسب القلوب والاحترام والمودة. فمن الروايات ما ورد عن رسول الله ﷺ: إذا أراد الله بقوم خيرا أهدى لهم هدية. قالوا: وما تلك الهدية؟ قال: الضيف ينزل برزقه، ويرتحل بذنوب أهل البيت. [3]  وقال: الرزق أسرع إلى من يُطعم الطعام من السكين في السنام. [4]  فما أجمله وأشده من وصف لسرعة الرزق عندما نتصور حركة السكين السريعة في السنام.

وورد في فضل الإطعام عن أبي عبد الله قال: من أطعم أخاه في الله كان له من الأجر مثل من أطعم فئاما من الناس، فسئل: ما الفئام؟ قال: مائة ألف من الناس. [5] 

وفي الجهة المقابلة يوجد ذم للبيت الذي لا يدخل فيه ضيف بأنه بيت لا تدخله الملائكة كما قال رسول الله ﷺ: كل بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخله الملائكة. [6]  البعض قد يتعذر بسبب ظروفه المادية أو لعدم وجود مكان واسع لاستقبال عدد كبير من الضيوف، ولكن كما ورد في الأخبار الضيف ينزل برزقه، وثواب إكرام الضيف يمكن تحقيقه ولو بعدد قليل يتناسب مع وضع الداعي ومكانه حتى لو كان باستضافة شخص واحد أو ثلاثة أشخاص لينال ثواب الإكرام والإطعام.

ومن ذلك ما ورد عن أبي عبد الله : من أشبع جائعا أجرى الله له نهرا في الجنة. [7]  وورد عنه من أطعم ثلاث نفر من المؤمنين أطعمه الله من ثلاث جنان ملكوت السماء: الفردوس وجنة عدن وطوبى وهي شجرة من جنة عدن غرسها ربى بيده. [8] .

وهناك بعض الآداب والأمور التي ينبغي مراعاتها في الضيافة من احترام الضيف وتقديره وعدم إهانته بأي شكل، ودعوة من تحبه ويحبك في الله، والمؤمن التقي والأقارب ولا يتم دعوة الأغنياء دون الفقراء كما ورد في التوجيهات النبوية. قال رسول الله ﷺ: - لأبي ذر وهو يعظه -: أطعم طعامك من تحبه في الله، وكل طعام من يحبك في الله عز وجل. وقال: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. [9]  وقال أيضا: يكره إجابة من يشهد وليمته الأغنياء دون الفقراء. [10] .

النهي عن التبذير والتكلف

إكرام الضيف لا يعني الإسراف والتبذير وعدم المحافظة على النعمة، وتقديم ما يزيد عن الحاجة بكميات كبيرة ينتهي بها المطاف إلى الرمي في حاويات النفايا والوقوع في الحرام وكسب الإثم. قال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [11] ، وقال جل وعلا: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [12] .

كما لا ينبغي التكلف وتحميل النفس فوق طاقتها فالتكلف قد يكون مانعا وحاجزا للبعض من الضيافة وعدم الاستمرار لأنه يشعر بالحرج الشديد لتقصيره وعدم مقدرته على مجاراة الآخرين بسبب ظروفه وحالته المادية فيختار الابتعاد. قال رسول الله ﷺ: لا يتكلفن أحد لضيفه ما لا يقدر. وقال: من تكرمة الرجل لأخيه أن لا يتكلف له شيئا. [13] .

الحث على إجابة الدعوة

عندما يتم دعوتك فالداعي يُكن لك الاحترام والتقدير ويأنس باستجابة دعوته لمكانتك ومنزلتك في قلبه فعليك أن تتعامل مع هذه الدعوة بإيجابية وتستجيب له إن لم يوجد مانع يمنعك فقد حث رسول الله ﷺ على ذلك في قوله: أوصي الشاهد من أمتي والغائب أن يجيب دعوة المسلم - ولو على خمسة أميال -، فإن ذلك من الدّين. [14]  وقال: ثلاثة من الجفاء: أن يصحب الرجل الرجل فلا يسأله عن اسمه وكنيته، وأن يُدعى الرجل إلى طعام فلا يجيب أو يجيب فلا يأكل، ومواقعة الرجل أهله قبل الملاعبة. [15] .

[1]  الكافي - الشيخ الكليني - ج 6 - الصفحة 285
[2]  سورة الذاريات، آية 26
[3]  بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 72 - الصفحة 461
[4]  الكافي - الشيخ الكليني - ج 4 -
[5]  الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - الصفحة 202
[6]  جامع السعادات - محمد مهدي النراقي - ج 2 - الصفحة 117
[7]  ثواب الأعمال - الشيخ الصدوق - الصفحة 184
[8]  ثواب الأعمال - الشيخ الصدوق - الصفحة 136
[9]  الأمالي - الشيخ الطوسي - الصفحة 535
[10]  بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 72 - الصفحة 448
[11]  سورة الأعراف، آية 32
[12]  سورة الإسراء، آية 27
[13]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 2 - الصفحة 1720
[14]  الكافي - الشيخ الكليني - ج 6 - الصفحة 274
[15]  وسائل الشيعة «الإسلامية» - الحر العاملي - ج 8 - الصفحة 501