آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 8:07 م

دور فرق العمل في تفعيل مشاريع مؤسسات القطاع غير الربحي

ناجي وهب الفرج *

يصحب العمل في المجال الاجتماعي أو المؤسسي الكثير من الصعاب والتحديات التي قد يلقاها المتصدي لخوض غمار تجربة عمل مشروع على الصعيد الاجتماعي. إذ يحتاج معاملة الأشخاص الذين يعملون ضمن الفريق من قبل القائمين عليه إلى دراية وفن وصبر وإصرار على تحقيق الهدف والوصول إليه. نحن الآن أمام تحد لإتقان حزمة من المهارات ومواكبة التغيرات التي تستلزم الإلمام بها والإحاطة بمدلولاتها وكيفية تطبيقها. إذ يتطلب ممارسة العمل الذي يرمي إلى تحقيق أهداف إنمائية ضمن الإطار الجمعي الكثير من المهارات التي ينبغي اتباعها والسير عليها ضمن نظام مؤسسي يخضع لمعايير ومحددات تم تجربتها وثبت جدواها وفعاليتها أثناء تطبيقها على نطاق واسع من الناس وعلى فترات زمنية مختلفة ومتصلة.

وحتى يتكون لدينا فريق عمل منجز وفاعل يرسم ويخطط وينفذ لنجاح مشروعات منجزة على كافة الصعد. نحتاج لتكوين فرق عمل ترتكز على مقومات وسمات محددة لتكون قوة محركة لما سوف يمتلكه من موارد بشرية ومهارات وخبرات متنوعة تراكمية؛ لتتمكن من تحقيق الأهداف المطلوبة وتكون مزيجًا مثاليًا من التعاون والتنسيق والتنوع، وتلعب دورًا حاسمًا في تحقيق النجاح والتفوق في واقعنا المعاش.

دعونا الآن نعرج على ماهية فرق العمل وتكوينها ومواصفاتها وميزاتها وأنواعها وما تتركه من آثار إيجابية تظهر فوائدها على واقع المستفيدين. يمكن تحديد مفهوم فريق العمل على أنه مجموعة من الأفراد الذين يعملون معًا لتحقيق أهداف محددة أو إكمال مشروع مشترك. يكون لكل عضو في الفريق دوره الخاص ومسؤولياته المحددة، ويتعاون الأعضاء معًا بشكل منظم لضمان تحقيق الأهداف المشتركة.

يتميز فريق العمل بالتعاون والتفاعل بين أعضائه، فهم يعملون معًا بشكل متواصل ويتشاركون في المعلومات والخبرات لضمان إنجاز المهام بفعالية. فقد يكون الفريق مؤقتًا لإتمام مشروع معين أو دائمًا لدعم الأنشطة المستمرة في النطاق المجتمعي أو المؤسسي إذ يسهم بتعزيز التنظيم والتوجيه للمعنيين، ويساعد في تقليل الأعباء على الفرد وزيادة الإنتاجية. فإدارة فرق العمل تتطلب التخطيط والتوجيه والمتابعة لضمان تحقيق الأهداف بنجاح وفعالية ملموسة.

تكتسب فرق العمل أهمية بالغة في مجموعة متنوعة من السياقات والمجالات بسبب الفوائد التي تقدمها. وتبرز أهمية تشكيل فرق العمل في أمورٍ عدةٍ كزيادة الإنتاجية وذلك عن طريق توزيع المهام والتعاون بين أعضاء الفريق، حتى يمكن زيادة الإنتاجية بشكل ملحوظ. فهذه الفرق تمكن الأفراد من العمل على مهام مختلفة في وقت واحد، مما يؤدي إلى إنجاز المزيد من العمل. أيضًا تمكن من تبادل المعرفة والخبرة إذ يتيح العمل ضمن الفريق للأفراد المشاركة في خبراتهم ليتعلم بعضهم من بعض، وهذا التبادل يمكن أن يؤدي إلى تطوير المهارات الشخصية وزيادة معرفة الأفراد أنفسهم. كما يمكن لفرق العمل أن تعمل على تحقيق أهداف محددة مشتركة، سواء كانت أهداف مشروع أو أهداف تنظيمية أكبر. مما يضمن على توجيه الجهود نحو تحقيق نتائج محددة. كذلك عندما يتم تجميع أشخاص من خلفيات وثقافات مختلفة في فريق واحد، يؤدي ذلك إلى تقديم وجهات نظر متنوعة للمشكلات والتحديات. فيؤدي هذا التنوع ويسهم في اتخاذ قرارات أفضل. ويقلل الضغط على الفرد لتوزع الأعباء والمسؤوليات بين أعضائها، مما يقلل من الضغط على الفرد ويساعده في إتمام المهام بفعالية دون تحمل أعباء كبيرة. يحقق العمل في فرق العمل التواصل والتعاون بين الأفراد بشكل مستمر، مما يعزز العلاقات الاجتماعية ويزيد من فعالية العمل.

ولما يتركه التخصيص الدقيق للموارد والمهام، يمكن تحقيق الأهداف بشكل أفضل وأسرع من العمل الفردي. والانضمام والانخراط في فريق ناجح والمساهمة في تحقيق الأهداف المشتركة يمكن أن يزيد من روح المبادرة والتحفيز لدى الأفراد.

يمتاز فريق العمل الناجح بعدة مميزات هي:

1. فعالية التواصل إذ يتمتع فريق العمل الناجح بقدرة على التواصل الفعال والصريح. فيتم تبادل المعلومات والأفكار والآراء بشكل مفتوح ومباشر. ويتم التأكد من فهم الرسائل وتوضيح الاحتياجات والتوجيهات بوضوح.

2. التعاون والتفاعل: يتعاون أعضاء الفريق الناجح معًا ويتفاعلون بشكل فعال. يتقاسمون المسؤوليات والمهام ويدعمون بعضهم البعض. يشجعون العمل الجماعي ويعملون على بناء بيئة تشجع على الابتكار والإبداع.

3. التنظيم والتخطيط: يتمتع فريق العمل الناجح بقدرة على التنظيم والتخطيط الجيد. يحدد الفريق أهدافًا واضحة ويطوّر خططًا محكمة لتحقيق تلك الأهداف. يتم تحديد المهام والمواعيد النهائية وتوزيع الموارد بشكل فعال.

4. التنوع والاحترام: يحترم أعضاء الفريق الناجح التنوع والاختلافات بينهم. يقدرون وجود وجهات نظر وخلفيات مختلفة ويستفيدون منها. يعاملون بالاحترام ويتبنون قيم التعددية والتسامح.

5- قيادة فعالة: يتوفر في فريق العمل الناجح قائد فعال يستطيع توجيه الفريق نحو تحقيق الأهداف. يتمتع القائد بمهارات الاتصال، والتحفيز، والتوجيه، والتمكين. يدعم القائد أعضاء الفريق ويساعدهم على تحقيق أفضل أداء لهم.

6- التعلم المستمر: يتميز فريق العمل الناجح بروح التعلم المستمرة. يسعى أعضاء الفريق لتطوير مهاراتهم ومعرفتهم والاستفادة من الخبرات الجديدة. يتقبلون الملاحظات ويعملون على تحسين أدائهم باستمرار.

هنالك بعض الوحدات الشائعة في فرق العمل والتي تتكون عادة من:

1- القائد الذي يدير ويوجه فريق العمل. ويتحمل المسؤولية الرئيسة لتحقيق الأهداف وتنسيق جهود الأعضاء واتخاذ القرارات الاستراتيجية.

2- الأعضاء الذين يساهمون بمهاراتهم وخبراتهم في تحقيق هدف الفريق. يتعاونون ويتفاعلون معًا لإكمال المهام المحددة وتحقيق النتائج المطلوبة.

3- المساعدون أو الفنيون الذين يقدمون الدعم والمساعدة التقنية للفريق. فهم مسؤولون عن تنفيذ المهام الفنية أو تقديم النصائح والإرشادات الخاصة بهم.

4- المتخصصون النوعيون إذا يتم تقسيم فريق العمل إلى فرق فرعية أو مجموعات فرعية، حسب نوع المشروع أو المهام المحددة. يعمل كل فريق فرعي على جانب معين من المشروع ويتعاون مع الفرق الأخرى لتحقيق الهدف النهائي.

5- المستشارون وهم من يتم تعيينهم لغرض تقديم المشورة والخبرة في مجالات محددة. يمكن للمستشارين تقديم توجيهات واقتراحات لتحسين أداء الفريق وتحقيق النتائج المرجوة.

وقد تختلف هذه المكونات تبعًا لنوع الفريق وطبيعة المشروع أو المهمة التي يعمل عليها الفريق. لذلك يتوجب على أعضاء الفريق التعاون والتواصل والتنسيق معًا لضمان تحقيق النجاح وتحقيق الهدف المشترك.

هناك العديد من أنواع فرق العمل التي يمكن أن تتكون في سياقات مختلفة. وفيما يلي بعض الأنواع الشائعة لفرق العمل:

1. فرق العمل الوظيفية: هذا هو نوع الفريق الأكثر شيوعًا، حيث يتم تشكيله بناءً على وظائف وأدوار محددة في المؤسسة. مثال على ذلك فريق العمل في إطار مشروع تقني يتكون من المطورين ومصممي الواجهة ومهندسي الجودة ومدير المشروع، إلخ.

2. فرق العمل المشتركة: يتكون هذا النوع من فرق العمل من أفراد ينتمون إلى منظمات أو أقسام مختلفة أو حتى منظمات مختلفة بشكل عام. تجتمع هذه الأطراف المختلفة للتعاون على مشروع مشترك أو هدف مشترك لتحقيق نتائج محددة.

3. فرق العمل العابرة للحدود: يتكون من أفراد ينتمون إلى ثقافات وجنسيات وخلفيات مختلفة. تُشكل هذه الفرق للتعاون على مشروعات دولية أو للتعامل مع عملاء وشركاء أعمال من مجتمعات مختلفة.

4. فرق العمل الاستراتيجية: تكون هذه الفرق للتعامل مع قضايا استراتيجية طويلة الأمد في المؤسسة. يتكون الفريق من قادة المؤسسة والخبراء الرئيسيين الذين يعملون معًا لتحديد الرؤية والأهداف ووضع الاستراتيجيات لتحقيق النجاح المستدام.

5. فرق العمل الإبداعية: يتم تشكيل هذا النوع من الفرق لتطوير الأفكار الجديدة والحلول المبتكرة لمشاكل أو تحسينات معينة. يشتمل الفريق على أشخاص مبدعين ومبتكرين من مختلف الخلفيات والتخصصات.

هذه مجرد بعض الأنواع الشائعة لفرق العمل، ويمكن أن يتم تشكيل فرق العمل بطرق مختلفة تبعًا لاحتياجات المشروع أو المؤسسة.

ومن الصفات الواجب توفر في عضو فريق العمل الناجح أن يكون متعاونًا ويتمتع بروح المبادرة والالتزام والتواصل مع الآخرين والقدرة على التأقلم واحترام الآخرين ومساعدتهم.

ويمر تكوين فرق العمل بمراحل تبدأ بمرحلة التكوين ثم الصراع تليها وضع القواعد تليها مرحلة الأداء وننتهي بمرحلة الإنهاء التي تحقق فيها الأهداف.

وبشكل مجمل يمكن القول بأن فرق العمل هي العنصر الحيوي الذي يجعل العمل المشترك ممكنًا ويضمن نجاح المشروعات الحديثة. تلعب أهمية فرق العمل دورًا حاسمًا في تحقيق الإنتاجية المثلى والتفوق التنافسي. فإن توزيع المهام والتعاون والتنسيق والتنوع يسهم في تحقيق الأهداف بشكل فعال وفي إيجاد حلول إبداعية للتحديات المعقدة.

لذا، يجب أن نولي أهمية كبيرة لتشكيل وتعزيز فرق العمل الفعالة في مجالات العمل المختلفة. يتطلب ذلك تعزيز التواصل والتعاون وبناء ثقافة عمل إيجابية وتعزيز التنوع وتكامل المهارات. إذا تم تحقيق هذه العوامل، يمكن لفرق العمل أن تحقق الإنجازات الكبيرة وتجعل المشروعات تتجاوز التوقعات وتحقق النجاح المستدام في واقع العمل المؤسسي الرصين.

1- شبكة أخبار الأعمال بتصرف.
2- شبكة سي إن إن عربية بتصرف.
نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العوامية الخيرية للخدمات الاجتماعية