آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 3:21 م

السر The Secret

المهندس أمير الصالح *

أحجية: ما هو الشي الذي إذا تكلمت به يذهب بعيدا عنك؟

الأجوبة الاختيارية:

1 - المرض

2 - السر

3 - الحلم

الجواب واضح وجلي ومفهوم من العنوان. وهناك كتاب مشهور بعنوان ”السر“ لروندا بايدن. ويعتمد كامل فكرة الكتاب حسب قراءتي على قانون الجذب. وشخصيا لم تعجبني فكرة الكتاب الرئيسية، وإن كان الكتاب في يوم ما هو الأكثر مبيعا في الغرب.

الكل منا قد تصادفه مواقف يحار في تفسيرها، ومنها شدة التكتم على أمور تافهة لدى البعض أو كثرة الأسئلة التافهة من قبل البعض الآخر.

حدث لأحد الزملاء حدث مفاده أنه أكل طعاماً في مطعم فأعجبه الرز. فسأل النادل عن نوعه، فما كان جواب النادل إلا أن قال إنه سر غير مسموح لي أن أخبرك به؟!

لماذا يختلق البعض هالة على أشياء صغيرة، ويطلق مسمى ”سر“ عليها سواء نوع أرز أو مكان خياطة ملابس أو محل بيع حقيبة نسائية أو مكان استجمام أو نشاط اجتماعي أو … أو… إلخ.

قد يكون الدافع لاختلاق مسمى سراً على بعض الأمور العامة هو:

- حب التميز

- حب الاحتكار

- حب السيطرة

- حب التفرد

- حب الإثارة والتشويق

- حب الجذب

- الخشية من الحسد

- تفادي المطارحة مع الآخرين

في واقع الحال أن السر يحتمل أن يكون حفظه مطلوباً ومحمود، وقد ورد في بعض الروايات المنسوبة لبيت العترة النبوية ما معناه:

سرك أسيرك، فإن تكلمت به صرت أسيره.

استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود

وفي عالم اليوم، معظم موظفي القطاع الصناعي والعسكري ومراكز البحث العلمي ومراكز التحليل الاقتصادي والتقني والتكنلوجي يوقعون تعهد بحفظ أسرار مكان عملهم. وهذا أمر مفهوم لأنه حفظ للتفوق العلمي وصيانة للأمانة ومنع استغلال المعلومة وحفظ للحقوق الفكرية. ولذا نسمع بمصطلح سر عسكري، سر أمن وطن، أمين سر المجلس … الخ. وشعبيا نتداول جملة ”المجالس أمانة“.

في المقابل هناك أسرار كتمها يعتبر مذموماً لأن ذلك يؤدي إلى فناء الاستفادة بفناء حاملها مثل العلم «زكاة العلم تعليمه» أو فساد إنجاز العمل المقصود. وقيل قديما كثر الأبواب الموصدة على العلم تقتل عنفوان طالب العلم، وتحجم طموحه وتنفر طالبيه. الأسرار كلما كثر خزانها كان أضيع لها.

في عالم المهن نتسأل: كيف لموظف جديد أن يكسب مهاراته، ويطور قدراته المهنية إذا طغى مفهوم التكتم على مفهوم الشفافية داخل تلكم المنشأة الصناعية أو التجارية أو التقنية في حدودها الداخلية!

نعم هناك خلط وخلط كبير بين السر المهني والاطلاع على المعلومات حسب الحاجة In need basis والشفافية. مؤسف أن نرى مع وجود بنود إلزامية في عقود كل الخبراء والمهندسين والموظفين الأجانب بتدريب وتطوير الموظفين المواطنين أن يتخذ بعض أولئك الأجانب من كلمة ”وثيقة عمل سرية“ أو Confidential, ذريعة لإبقاء الموظفين المواطنين، لا سيما المستجدين في المهنة في ذيل التحصيل المعرفي، وتصحر اكتساب الخبرة المهنية، وتيه التنظيم الإداري. نعم رأيت ولمست وجود تكتم شديد عند بعض الموظفين الأجانب بحجب المعلومات عن الموظفين المواطنين لضمان أمن وظيفي على حساب تجهيل أو احتكار المعلومة وطرق التشغيل والإصلاح للأجهزة داخل المنشأة الصناعية والهندسية. نعم، يوجد في أوساط الموظفين من هو كسلان، ولكن أيضا يوجد من هو نشيط، ومن هو شغوف بالعلم والمعرفة والإنجاز. ونتطلع أن يستبسل المدراء ورؤساء أقسام الموارد البشرية في تأمين نقل المعارف من أيدي الخبراء الأجانب لأبناء الوطن لضمان أكبر كمية من المؤهلات الوطنية في سوق العمل. كما نشيد بكل موظف أن يتجلد بالصبر ولين الجانب وفنون التواصل لكسب قلوب أهل المعرفة من الأجانب والمواطنين.

في زمن الإنترنت والسوشل ميديا وتعدد مصادر المعلومات الصادقة والمغلوطة، وتسابق البعض من الناس على أخذ السبق في إيراد الخبر في مواقعهم وتغريداتهم دون تحري الأمانة العلمية والدقة فضلا عن التمييز بين ما هو سر وبين ما هو معلومة. نجد بعضاً من الناس يعتبر مشاركة آخرين باسم خياط الفستان سراً من الأسرار ويعتبر البعض أن مكان تخييم شتوي / صيفي سر، ويحظر بعض الناس نقل معلومة مصدر بيع سلع مثل الزعفران / محل عطر بسعر تنافسي عن الآخرين. وفي المقابل هناك أناس آخرين من ذات المجتمع ينشرون صورة فستان مخل بالعفة وصاحبته مرتديته في كامل أناقتها على أنه سر النجاح «لا حظ أن مفهوم السر المكتوم هو اسم الخياط لكي لا يذهبن الأخريات لتفصيل ذات التصميم للفستان!». لقد تناثرت وتبعثرت بعض المجتمعات إلى كانتونات واضحة المفاهيم مغلوطة بين متهتك ومتحجر ولعوب على أوتار المفاهيم، فضاعت أمانة الأسرار وضيعت أمانة النقل. شي مؤسف أن بعض المجتمعات: أضحى البعض من أفراده لا يميزون بين السر المحمود كتمانه والسر المذموم كتمانه!!