آخر تحديث: 2 / 5 / 2024م - 10:09 م

الذكاء الاجتماعي والعلاقات الإيجابية

سامي آل مرزوق *

سعت البشرية منذ القدم لمعرفة وفهم طبيعة العلاقات الاجتماعية وطرق تفاعل الفرد وفهمه لمشاعر الآخرين بصورة تعبيرية طبيعية بوضوح من خلال لغة الجسد والإشارات غير اللفظية، مما ساهم في رفع مستوى العلاقات بالآخرين مهنيًا وشخصيًا، ويُعد ذلك مفتاحًا لبناء علاقات إيجابية ناجحة في الحياة الشخصية والمهنية، وممكنة للتعبير الشخصي عن المشاعر بوضوح للتعامل بذكاء وفطنة مع التحديات الاجتماعية.

إنه الذكاء الاجتماعي، حيث القدرة على فهم الآخرين والتفاعل معهم بشكل جيد، والتواصل الفعال اللفظي وغير اللفظي والقدرة على ملاحظة الفروق بين الأمور والحساسية للحالات المزاجية للآخرين والقدرة على استيعاب وجهات النظر متعددة، هي تعد مهارات شخصية نتيجة لهذا النوع من الذكاء لامتلاك العمق العاطفي لقياس ردة فعل شخص ما والتماهي مع الآخرين بتخيل أنفسكم مكانهم وفهم تصرفاتهم بعيدًا عن التحيز، وتقييم نقاط القوة والضعف الفريدة لديهم والقراءة بين السطور.

وهي مهارة أساسية حيث يمكنها أن تسهم وبشكل فعال في تحسين العلاقات الإنسانية وتعزيز قيمة التفاهم والتسامح بين الأفراد والمجتمعات، فالإنسان بطبيعته وفطرته البشرية يعمل على تشكيل ونسج روابط اجتماعية مع من حوله ويتفاعل معهم، فالانفتاح على الآخرين هو من أهم جوانب الذكاء الاجتماعي حيث التواصل الفعال والقدرة على فهم الآخرين سواء أكان ذلك بالاستماع أو التحدث، فإن قراءة شخص ما والتقاط إشارات صغيرة مثل تعابير وجهه أمر مفيد للغاية في بيئة احترافية، والقدرة على التعاطف معه والشعور به بالتعامل اللبق والابتعاد عن المجاملة بطريقة مبالغ فيها، كما أن الموازنة بين الأقوال والأفعال مهمة بحيث أن لا تقول ما لا تفعل أو تفعل عكس ما تقول، ناهيك، عن اختيار الوقت المناسب للحديث والاستماع والإنصات، لذا فإن ذوي الذكاء الاجتماعي يشعرون بما يشعر به الآخرون ويعرفون بشكل حدسي ما يجب قوله في مواقف الاجتماعات ويبدون واثقين من أنفسهم حتى في حشد أكبر، وقد تعتقد أن هؤلاء الأشخاص لديهم مهارات التعامل مع الآخرين لكن ما يملكونه حقًا هو الذكاء الاجتماعي.

تم طرح نظرية الذكاء الاجتماعي لأول مرة على يد عالم النفس الأمريكي إدوارد ثورندايك في عام 1920. وقد عرّفها بأنها ”القدرة على فهم وإدارة الرجال والنساء والفتيان والفتيات، والتصرف بحكمة في العلاقات الإنسانية“. لا أحد يولد ذكيا اجتماعيًا وبدلا من ذلك، فهو ينطوي على مجموعة من المهارات التي يتعلمها الفرد مع مرور الوقت.

فتجد الأشخاص الأذكياء اجتماعيًا ملتزمين ويهتمون بالإشارات الاجتماعية الدقيقة التي يرسلها من حولهم، فإذا كنت تعتقد أن شخصًا ما في حياتك يتمتع بمهارات قوية في التعامل مع الأشخاص، فراقب كيفية تفاعله مع الآخرين، على الرغم من أن معظم الناس يتعلمون مهارات التعامل مع الآخرين من أسرهم وأصدقائهم والمجتمع المحيط بهم، إلا أن الشخص الذكي اجتماعيًا يفهم أن الآخرين قد يكون لديهم استجابات وعادات مختلفة بناءً على تربيتهم وعليه احترام الاختلافات الثقافية، وممارسة الاستماع النشط والذي يتطلب عدم المقاطعة وأخذ الوقت للتفكير في ما يقوله الشخص الآخر قبل الرد، استمع إلى تصريفات ما يقوله الآخرون والتي تعطيك أدلة على ما يقصدونه حقًا.

إن إتقان Social intelligence ”الذكاء الاجتماعي“ ليس سهلًا كما يعتقد البعض ولو كان كذلك، لما كانت هناك محادثة محرجة ومع ذلك، فإن العمل على ذكاء اجتماعي قوي يمكن أن يؤدي إلى حياة أكثر ثراءً، أو على الأقل، مساهمًا جيدًا في تكوين علاقات اجتماعية صحية سعيدة ملتزمة بأخلاقيات المجتمع ومسايرة لمعاييره الاجتماعية وقواعد الضبط الاجتماعي وتقبل التغيير الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي السليم والعمل لخير الجماعة والسعادة الزوجية مما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية باتباع السلوك المرغوب اجتماعيًا وأصول المعاملة والتعامل السليم مع الآخرين وأساليبه وفنياته.