هَيّانُ بْنُ بيّانَ
هل تعرف من هو هَيّانُ بْنُ بيّانَ؟!
قد لا يوجد شخص بعينه بهذا الإسم لكنني متأكد أنك تعرف بعض من يحملون نفس المعنى، ولأن العرب الأوائل دواهي وأصحاب نظرة وتنظير، فقد أطلقوا اسم ”هَيّانُ بْنُ بيّانَ“ كناية لمن لا يُعرف أصلُه، ولن يكون موضوعنا هنا أصول الأشخاص فالبحث في الأنساب والأحساب ليس ذا ضرورة عندي لأنني أعمل تحت شعار ”أكرمكم أتقاكم“.
وعموماً مهما انشغل الأوائل بنوعية هَيّانُ بْنُ بيّانَ إلا أن ذلك الانشغال في ظني قليل جداً لكن الأهم اليوم هو انتشار هذا المعنى بشكل آخر، فوسائل التواصل الاجتماعي تعج بمواضيع أشبه ب ”هَيّانُ بْنُ بيّانَ“ حيث لا يعرف لهذا الموضوع أو ذاك أصل أو فصل - كما يقال - وهنا الطامة الكبرى حيث أصبح البعض يبحر في غير شاطئه الذي اعتاده، بل والذي عرفه فيه مجتمعه وكأنه يريد أن يجمع لنا من كل بحر قطرة زعماً منه أنه استوعب كل علوم الحياة وكأنه أراد القول: ”فإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانهُ... لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائلُ“، غير أنه لا يعلم أن أبا العلاء المعري لا يقصد كل ما ظنه مدعي الفهم والكتابة بل أن المعري أخفق في ذات الأمر الذي ادعاه، فحين سأله الغلام: ”أن الأوائل وضعوا ثمانية وعشرين حرفاً للهجاء، فهل لك أن تزيد عليها حرفاً واحداً؟“ فسكت أبو العلاء ثم ردد: ”والله ما عهدتُ لي سكوتاً كهذا السكوت من قبل“.
لقد اعترف المعري بالقصور الذي علله بالسكوت غير المعهود وليته كان بيننا اليوم ليرى من يتفاخر ببيته هذا في كل علوم الحياة، ولكان بمقدور المعري أن يضيف حروف هجاء لهجاء مثل هؤلاء.
ورسالتي لكل من ينطبق على أسلوبه كناية ”هَيّانُ بْنُ بيّانَ“ أنه حان الوقت أن تتخصصوا، أن لا تكتبوا فيما ما لم تستوعبوا، أن اعرضوا كتاباتكم ولو على غلام لكم فإن أصابكم ما أصاب أبا العلاء فاعرضوا عن الكتابة فلعمري أنكم بكتاباتكم تكشفون للقراء زيف ادعائكم وأنكم لا تفقهون من الأمر شيئاً.