آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

العلاقات الناعمة

عبد الرزاق الكوي

الحياة تحتاج إلى سعي واجتهاد ومثابرة وكفاح من أجل تحقيق التطلعات والنجاح والوصول للهدف المتوخى الوصول له، والمفترض العمل من أجل ذلك بالطرق المشروعة وتحت مظلة التنافس الشريف، فالإنسان منذ نعومة أظافره يسعى للكمال والرغبة في التملك يتنافس من اجل ذلك يمر بمراحل عمرية لكل مرحلة من تلك المراحل ظروفها وبيئتها وصراعها، فكل ما تخطى العمر كبرت التطلعات وازدادت روح المنافسة مع ازدياد الخبرة العملية والعلمية والثقافية والوسائل من أجل تحقيق الذات وكسب المزيد.

فالتنافس الشريف وتحقيق المكاسب أمر محبب، لكن يكون ذلك بطرق مشروعة وتحت طائلة القانون وروح الأخلاق الإنسانية، ما ينطبق على الإنسان في سعيه ينطبق على المجتمع وصولا للعلاقات الدولية بين الدول، أن تحظى العلاقات برعاية وعناية حسب المواثيق والأعراف الدولية والمصالح المشتركة، والاقتناع المتبادل بدون ضغوطات أو إملاءات أو تهديد يصل إلى إشعال حروب تكون السيطرة للأقوى تعيش فيها البشرية شريعة الغاب بدلا من العلاقات المشتركة التي تصب في مصلحة الجميع.

فالعالم اليوم إذا نجى من تفعيل القوة المسلحة والحروب بالوكالة والإرهاب العابر للقارات، تستخدم شتى الوسائل من أجل تحقيق الأطماع والوصول للأهداف، فما يسمى بالقوة الناعمة التي معناها بناء علاقات مشتركة يعم خيرها الجميع تتبادل فيها المصالح وتفعل التبادل السياسي والاقتصادي بالمساواة والعدل والاقتناع، تكون هذه العلاقة لا تقل عن الحروب العسكرية مكرا وخداعا، أمام الإعلام توزع الابتسامات ويبشر بعلاقات وتبادل مصالح، وفي الخفاء شروط وإملاءات مجحفة، واستخدام للنفوذ وممارسة شتى الضغوطات لاستمالة الآخرين.

العالم اليوم يئن من قضاياه ومشاكله الحياتية بفعل السياسات الخاطئة والغير ودية بدون مصداقية ولا موثوقية في بناء العلاقات والوصول للأهداف.

فالكلام الفضفاض عن العدالة وحقوق الإنسان والديموقراطية لم تسمن جائع ولم تغني فقير ولم تخفض نسبة البطالة ولم تقلل عدد النازحين بسب الحروب المفتعلة، لأن العالم يدار بدون روح إنسانية بقوة تصل إلى القوة المفرطة أمام أنظار العالم.

يعيش العالم على أمل ان تتبدل أحواله وينعم بحياته بعلاقات ناعمة حقيقية، لا تبنى على ازدواجية معايير بعيدة عن القيم، علاقة تبنى على أن الجميع يستفيد، يجنى خيراته لتنعم بها البشرية، الأفعال الشريرة تكلف البشرية أرواح بريئة وحياة مزرية وخسائر اقتصادية لا تعد ولا تحصى.

الأمل أن يفعل دور قوة العقل بدلا من قوة السلاح أن يرتقي الجميع من أجل غذا أفضل، يستلم زمام القيادة قوة تسعى للخير تحت مظلة المواثيق الدولية بعيدا الفكر والتصرف الأحادي التي عانت منه البشرية، بعد الحرب العالمية الثانية وقيادة العالم تسعى للمزيد من تحقيق تطلعاتها بالقوة وتسليط سوط الإرهاب المتنقل والحروب بالوكالة، الأمل بتنمية مشاريع أكثر إنسانية على يد قوى عالمية تسعى لبناء علاقات تنموية تتخطى العوائق المفتعلة ويحفز فيه الاقتصاد، خيرات العالم التي أنعم الله سبحانه وتعالى على البشرية لا تعد ولا تحصى لكن طمع الإنسان أوصل الحال إلى الحضيض.

البشرية تتطلع إلى مستقبل تستحقه وحياة كريمة تعيشها التعاون المشترك أساسه والسعي الحثيث لطرح مشاريع يعم نفعها الجميع، أن يكون خلف كل ذلك روح إنسانية.

فالتنافس على المستوى الفردي والمجتمعي والدولي يصب في مصلحة الجميع اذا كان بالطرق المشروعة، فالكل مسؤول في بناء غذا أفضل وواقع أجمل.