آخر تحديث: 15 / 5 / 2024م - 8:45 ص

متحورات کورونا: الحذر واجب

تتطور الفيروسات باستمرار عن طريق الطفرات لإنتاج أنماط مختلفة من الفيروس تسمى المتحورات، ومتحور ”دلتا“ الذي ظهر في الهند نهاية شهر ديسمبر الماضي ثم انتقل إلى أكثر من 90 دولة كما تشير بعض الأخبار هو أحد أبرز المتحورات لفيروس كوفيد-19 المعروف بكورونا.

تكمن خطورة هذا المتحور بقدرته الكبيرة على الإنتشار من شخص لآخر، حيث يشير المركز الأمريكي للتحكم والسيطرة على الأمراض «CDC» أن ”دلتا“ ينتقل بين البشر بمعدل الضعف مقارنةً بالمتحورات الأخرى، مما يؤدي إلى ارتفاع أعداد الإصابة بكوفيد - 19 بصورة كبيرة، وتشير بعض التقديرات أن متحور دلتا هو المسبب لحوالي نصف عدد الإصابات الجديدة بالولايات المتحدة، ويُتوقع أن يؤدي إلى المزيد من الإصابات فالحالات تتصاعد بقوة ومعدل الإصابة بمتحور ”دلتا“ في الولايات المتحدة ارتفع من أقل من 1% من اجمالي عدد الإصابات في شهر مايو الماضي إلى أكثر من 80% الآن.

وفي دول الجوار العربي نشرت بعض القنوات الإعلامية إعلاناً لمسؤول الإحصاءات في لجنة متابعة فيروس كورونا في لبنان نبيل رزق الله قال فيه: أن متحور دلتا شديد العدوى بات يشكل مصدر جميع الإصابات الجديدة بكورونا في لبنان بنسبة 100%. ونقلت صحيفة الرياض تصريحاً لوزير الصحة الأردني فراس الهواري قال فيه: إن 90% من الإصابات بفيروس كورونا في الأردن هي من المتحور ”دلتا“.

هذه عينة مما يتم تداوله هذه الأيام عن سيطرة هذا المتحور على معدلات الإصابة في العديد من دول العالم، مما أدى إلى حدوث إرباك لدى العديد من الدول في خطط مكافحة هذه الجائحة، ومخاوف جدية لدى كل الدول في كيفية التعامل مع متحور ”دلتا“ والمتحورات الأخرى التي قد تظهر في المستقبل إذا استمرت الجائحة. وفي هذا المضمار صرح رئيس منظمة الصحة العالمية أن ”دلتا“ هو بمثابة تحذير يخبرنا أن الفيروس يتطور، لكنه أيضاً بمثابة نداء للتحرك للقيام بشيء ما قبل ظهور أشكال ومتحورات أكثر خطورة.

الوضع في المملكة حالياً وحسب البيانات الرسمية لوزارة الصحة السعودية مطمئن إلى حدٍ ما، حيث لا توجد ولله الحمد مؤشرات على أي اختراقات للفيروس، أو تفشي جديد لمتحور ”دلتا“، والمنحنى الوبائي شبه ثابت ومستقر منذ شهور طويلة ولا زال. وهذا النجاح في التعامل مع الوضع الراهن يبعث فينا الأمل والثقة بالجهود التي تبذلها الدولة بكافة قطاعاتها وخاصةً وزارة الصحة ووزارة الداخلية في مساعيها للحد من خطورة هذا الفيروس والمحافظة على صحة المواطنين والمقيمين، وقد يكون التوسع في إعطاء اللقاحات كما تؤكد على ذلك الجهات الصحية العالمية هو أحد العوامل الرئيسية فيما وصلت إليه المملكة من نتائج مبشرة. فقد تجاوز إجمالي عدد جرعات اللقاح بالمملكة حتى الآن 29 مليوناً من سكان المملكة منها أكثر من 9 مليون شخص تلقوا جرعتين.

وللمحافظة على هذه المكتسبات وتعزيزها للوصول إلى بر الأمان بإذن الله تعالى ينبغي عدم التراخي أو التهاون في الأخذ بالأسباب وتطبيق الإجراءات المعتمدة من الجهات الرسمية، والمبنية على معلومات موثقة وتوصيات من جهات عالمية ذات مصداقية، وعدم الإلتفات لما يروجه البعض من معلومات يغلب عليها افتقادها للدقة والمصداقية وتتناقض مع البروتوكولات الصحية المعتمدة من المصادر العلمية والطبية المختصة.

فعلى سبيل الإيجاز اعتمدت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA» اللقاحات ضد كوفيد - 19 بأنها تعطي حماية ضد متحور ”دلتا“ والمتحورات الأخرى. کما أن المركز الأمريكي للتحكم والسيطرة على الأمراض «CDC» يؤكد أن أفضل وسيلة لمنع انتشار متحور ”دلتا“ هو الحصول على اللقاحات المضادة لكوفيد - 19، كما تشير العديد من البيانات والإحصائيات أن معظم العدوى تنتشر وسط الأشخاص غير المطعمين وفي المناطق التي تقل فيها معدلات التحصين. وتؤكد الدراسات الحالية أن متحور ”دلتا“ يمكن أن يُوقع إصابات خطيرة بالأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح، بدرجة تفوق المتحورات الأخرى.

هناك تقارير تشير أن فعالية اللقاحات ضد متحور ”دلتا“ هي أقل مقارنةً بالمتحورات الأخرى خاصةً لمن تلقوا جرعة أولى فقط من اللقاح، لكنها تساعد كثيراً في الحد من انتشار هذا المتحور، وتمنع من تعرض الشخص المصاب لأعراض شديدة وتحد من أعداد الوفيات بصورة كبيرة.

وحرصاً على سلامة الجميع خاصة في أيام المناسبات المختلفة لا بد من التأكيد على اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، والإستمرار في تطبيق الإجراءات الإحترازية ذاتها التي سبق وطبقناها، ومن أهمها التباعد وعدم المصافحة وارتداء الكمامة الواقية بطريقة صحيحة وعدم التهاون في ذلك. هذه الإجراءات بالإضافة إلى الحرص على استكمال أخذ جرعات اللقاح كاملةً ستوقف هذا الفيروس كما أكدت على ذلك منظمة الصحة العالمية التي دعت إلى العمل بجد لأن الفيروس بات أكثر ضراوةً وأشدَّ سرعة، مع أهمية الإبقاء على تدابير الحماية الوقائية الفعالة، والتحلي باليقظة والحذر فحفظ النفس واجب والأخذ بالأسباب والتقيد بالتوصيات العلمية والطبية هو دليل لرقي ووعي مجتمعنا الذي حقق المرتبة الأولى على مستوى المملكة في نسبة التطعيم.