آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 7:44 م

اشتقاقات وارتجالات «2»

زكي بن علوي الشاعر

عندما نرسم ما نطلق عليه في التصريف / الصرف: «الجذر»، نرسمه مفككًا هٰكذا: «ف/ع/ل»، إن كان ذا ثلاثة، و«ف/ع/ل/ل»، إن يكن ذا أربعة، وهٰكذا دواليك! نحو: ض ر ب، وننطقه: ضادْ، راءْ، باءْ، ومثل: ج ع ف ر ونقول: جيمْ، عينْ، فاءْ، راءْ. ولا نخطئ ونقول ونرسم: ضَرَبَ، وجَعْفَرَ؛ إذ ليس ذٰلك بالجذر «الأصل / أصل المادة»؛ وإنما هو ساق «فرع»، فلا تقرإ المادة، إلا كما أوضحت لك، وفقك الله تعالىٰ!

وعدت باشتقاق بعض الكلمات، فلنبدأ معًا!!

1 - تاروت، والله أعبد، وإياه أستعين!!

ذهب كثيرون - ومنهم شيحنا المحقق: الشيخ عبد الله الخنيزي أيده الله تعالىٰ! - إلىٰ أن «تاروت» جزء من «عشتاروت»، وهو: كيت وكيت... الأنشودة التي يحفظها الصغير والكبير!!

وليس ذٰلك عندي بشيء، وليست الحضارة الفينيقية والدلمونية ولا غيرهما مما أنظر إليه، ولا مما أعتز به، أو أفخر فأستمسك به؛ وإنما أسعىٰ إلى الاستمساك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، والله سميع عليم!!

بدأت وبدت ظاهرة غريبة في المنطقة؛ يقول بعض أهل تاروت: إن لتاروت حضارة سبعة آلاف عام، يضاهئون بها مصر، في عهد السادات، ومن قبله، ومن بعده.

ويقول بعض أهل القلعة: بل نحن الأصل؛ إذ نحن - منذ عام 216 هـ - قد بنينا سورنا وحصننا، وهو الثابت وغيره لا يثبت!!

فيعترض أهل العوامية، فيقولون: إنما كاتب رسول الله - ﷺ - المنذر بن ساوىٰ «أمير البحرين»، وقد كان في «الزارة»، والزارة في العوامية؛ فنحن الأصل، وغيرنا الفرع؛ إذ إننا كنا نحكم البحرين التي تضم «أوال» والخط «من نهاية عمان» حتى بداية البصرة، وتضم الأحساء أيضًا، ولا تنتهي إلا عند تخوم اليمامة ونجد!!

ولأهل المدارس كلام، ولأهل الكويكب قول، ولأهل مياس التي أنا منها فخر...؛ ألهاكم التكاثر، حتىٰ زرتم المقابر.

إن توظيف المناطقية - بعد التمسك بالخزعبيلات التاريخية والأحافيرية - كلام فارغ، كتوظيف الطائفية، وتوظيف العنصرية. كل ذٰلك - في نظري - كلام فارغ و...

إن الفتىٰ من يقول: هٰأنذا ليس الفتىٰ من يقول: كان أبي

... إن سلمنا أن من كان في كل بلد من البلاد المذكورة آباؤنا، فاتقوا الله واعملوا؛ فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، صلى الله عليهم أجمعين.

وكل هٰدا كلام جهال، ولا يشتريه فهيم، وما له سوق الا عند البهيم!!

أعود إل اشتقاق «تاروت»؛ إذ إن قول من قال - من المستشرقين - وأتباعهم من المستغربين: ”تاروت جزء من «عشتاروت»، وقد حذف جزؤه الأول مع تقادم الزمان، ولم يحفظ لنا التاريخ إلا جزأه الأخير، والحمد لله علىٰ سلامة العقول والأذهان...“ لا يستقيم؛ فإن «عشتاروت» وإن يطلق على إلٰه، لا يسمىٰ به بلد من البلدان.

جذر تاروت: ت ور، والشاعر يشير إلىٰ هٰذه الجزيرة العظيمة العريقة التي أحبها، وأحب من عليها وما عليها، بقوله:

يمرون بالدهنا، خفافًا عيابهم

ويخرجن من دارين بجر الحقائبِ

يشير إلىٰ وزن هٰذه الجزيرة الاقتصادي، وهي كذٰلك منذ القدم؛ ولٰكنه قد أطلق عليها «دارين»، ولم يسمها: تاروت!!

ومن هنا، فإن اسمها العربي: دارين، والنسبة إليه: داري.

أما «تاروت»، فاسم ساميٌّ «فينيقي»، فلنقارن بين الجذرين: «ت/و/ر» و«د/و/ر»، ونجد أنهما جذر واحد، إلا أن التاء هي الدال، وهٰذا في الاشتقاق الأكبر والاشتقاق المقارن جذر واحد.

أما «وووت» و«ييين»، فصوت يطلق عليه «لاصقة»، واللواصق متفاوتة بين اللغات؛ فثم: وووووت، ويييييين، وثم: وووووم، وهنالك: ءااااااان، والجامع بينها: حرف علة «حرف صائت»، يقفل بحرف مخرجه الشفة كالميم، أو قبلها كالتاء والدال والنون.

ف «التار» هي «الدار»، لا فرق بينهما، ومع لاصقة «وووت» الفينيقي،

ولاصقة «ييين» العربي، تدل الكلمة علىٰ أوسع من معنى الدار، وتخرج إلىٰ ما يضم الديار، وما ذٰلك إلا البلد، فمعنى تاروت ودارين: البلد والمقام، وما يستحق الحصر الادعائي فيها، عند إطلاق ذٰلك عليها؛ لامتيازها بموقعها، ولأنها جزيرة من ينكر عظمتها، ينكر الشمس في رابعة النهار.

حيا الله تاروت ومن فيها وما فيها.

2 - سنابس

ذهب الأستاذ إلدرورة، مستندًا إلىٰ خرافة غير مسطورة، ولا منظورة - وقد كتب إلي بذٰلك الأستاذ الكبير: أبو مجتبًى العمران نصره الله تعالىٰ - إلىٰ أن «سنابس» جاءت من قول أحد السلف عندما لاحت له وقد آنس نورًا وسنًا، كما آنس موسىٰ - عليه السلام! - من جانب الطور الأيمن نورًا، فقيل له: ويش تشوف؟ فال: ما أشوف شي!! أشوف سنا، بس!! فأخذ ذٰلك في اسمها، وفي اسم سنابس في مملكة البحرين الشقيقة قبلها؛ سووا صلوات!!

وقد رأيت أن تلك خرافة من «خراريف اهل الاول»، ولا حاجة إلىٰ أن ننص علىٰ أن من يقول: بس!! لا يقول: سنا.

سنابس هي: سنابك، وسنابك الخيل معروفة، فهٰذه أرض فيها الخيل «والسنابك» والرجال، فهي أرض وثغر من الثغور التي تحمىٰ فيها وعندها البلاد، وهٰذا ما يليق باشتقاق اسم بلد من بلاد العرب الذين يحبون الشجاع، ويزدرون الرعديد الجبان الذي يتكلم كالنسوان المتغنجات الراقصات لبعولتهن، في غرف النوم والليوان.

وسنابس في «سنابك»: لهجة عربية لا حاجة بنا إلى الإطالة بشرحها وتشريحها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يا أيتها الأخوات! ويا أيها الإخوان!!