آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

الغاية من وجود الإنسان

صالح مكي المرهون

أودع الله في الإنسان العقل، وميزه مابين المخلوقات، وفضله على سائر المخلوقات في الأرض، وترك له حرية الاختيار، وهذا ما أهلّه ليكون خليفة الله في الأرض.

وأول واجبات الخليفة أن يعرف ربه، فيقر له بأنه خالقه ورازقه، وأنه المستحق وحده للعبادة:
قال الله تعالى: ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لاتعلمون

سر وجود الإنسان في هذه الحياة قوله تعالى: ﴿وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون

وعليه فإن الهدف الأصيل من وجود الإنسان في الحياة واختيار الله بأن يكون خليفة في الأرض أن يعبد الله كما يحب.

يعيش الإنسان في هذه الحياة وهو مدرك أنه قد تميز على سائر المخلوقات التي تعيش حوله في هذه الدنيا الواسعة، فاتضح بهذه الآية الكريمة سر وجود الإنسان وفلسفة الخلقة لهذا الخلق العجيب.

إذن وجد الإنسان ليعبد الله سبحانه، فهذه الميزة تمكن في استمتاعه بقوة العقل والتفكير، وكذلك الإرادة والأختيار، بينما تغيب هذه المزايا عن غيره من المخلوقات.

وهناك ميزة أخرى مهمة وجلية، وهي أن هذه المخلوقات مسخرة له، لاستخدامها والانتفاع منها: ﴿الخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة . كل هذه المخلوقات سخرها الله تعالى للإنسان، ولذا جاء خطابه تعالى لبني البشر: ﴿وسخر لكم ما في السماوات ومافي الارض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ، وآيات كثيرة تدل على تسخير الله كل مخلوقاته لهذا الإنسان، ولم يجعل فوق الإنسان مخلوقاً يستخدمه ويسخره لأجله.

ولو بحثنا في كتاب الله الكريم الذي نزل مهيمنًا على غيره من الكتب التي سبقته، لوجدنا فيه آيات كثيرة تبين فلسفة خلق الإنسان وسر وجوده في الحياة، ففي آية يبين سبب خلق الكون فيقول الله عز وجل من قائل ﴿وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون . فسخر الله لنا السموات والأرض لكي نصل إلى كمالنا، وكأن هذا الوجود خلق لأجل مخلوق فيه ألا وهو الإنسان: العالم الأكبر، وهذا المخلوق هو أكرم من في الوجود وأشرف المخلوقات.

عندما خلق هذا الإنسان قال تعالى: ﴿فتبارك الله أحسن الخالقين فهذا يدل على عظمة الإنسان وكرامته عند الله سبحانه وتعالى، حتى صرح في كتابه الكريم بهذه الكرامة، فقال سبحانه: ﴿ولقد كرمنا بني آدم .

بترتيب هذه الآيات الكريمة التي هي كلام الحق سبحانه وتعالى يظهر لنا سر وجود الكون هو خدمة الإنسان، وإنما أستحق هذه الخدمة لأنه أشرف المخلوقات وأكرمها.

ولكن ماهي صيرورة الإنسان أشرف وأكرم من في الوجود؟

يأتي الجواب قرآنيا في آية صريحة تبين سر وجود الإنسان وفلسفة خلقته فيقول أحسن الخالقين: ﴿ماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون إذن وجد الإنسان ليعبد الله سبحانه وتعالى، ولازم عبادة الله أن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله، ولازم من العبادة المعرفة، فقوله تعالى ﴿ليعبدون أي ليعرفون، كما ورد عن الإمام الباقر .

فالمقصود من خلق الإنسان هو أن يعرف ويتكامل ويصل إلى قاب قوسين أو أدنى من ربه، لأنه محبوب لربه، وهذا ما أشار إليه الحديث القدسي: «خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي».

فطوبى لمن عرف قدر نفسه، وطوبى لمن وقف على الحقيقة فترك الغفلة وعاش في ذكر ربه ليلاً ونهارا.