آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

رجل العلم الذي جمع بين العلم والأخلاق

صالح مكي المرهون

هو الشيخ محمد العبيدان حفظه الله ورعاه، هذا العالم الجليل جمع بين العلم والأخلاق، له أيادٍ بيضاء بعمل وفعل الخير، والدعم الخيري والإنساني لمساعدة المحتاجين والضعفاء، والشباب المقبلين على الزواج.

هذا العالم يتحلى بالخلق العظيم وحسن المعاملة يحترم الصغير ويوقر الكبير.

له أبوان كريمان يرتبطان بولاية محمد وأهل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام، فأفرغا عليه من ذلك الولاء وغذياه حباً بمحمد وأهل بيته الطاهرين .

بدأ حياته بعد دراسته الثانوية في طلب العلم، وقد كان في تلك المرحلة يعشق العلم والعلماء، فرغب في التفرغ لطلب العلم، وحمل راية إرشاد أيتام آل محمد ﷺ.

الدراسة الحوزوية:

لقد كانت بداية الرغبة عنده الالتحاق بالحوزة العلمية، لتلقي العلوم، لما قرأ كتاب أنوار البدرين للشيخ علي البلادي، فأثر فيه سلوك العلماء ومنهجهم، ورغب في السير على نهجهم وخطاهم وأن يتربى بينهم، ولذا تفرغ سماحته بعد دراسته للمرحلة الثانوية للدراسة الحوزوية فترة من الزمن في مدينة القطيف عند مجموعة من فضلاء العلماء.

بعد ذلك رغب في الهجرة إلى النجف الأشرف حتى وفق الله له ذلك، فهاجر إليها وحل ضيفًا على باب مدينة العلم وبدأ دراسته في الحوزة العلمية.

بعد وصوله إليها مباشرة كان حريصا على الوقت بأن لايضيع شيئا منه إلا في تحصيل العلم، وبقي في النجف الأشرف فترة من الزمن حتى تمكن خلالها من إنهاء المقدمات، وبعد ذلك شرع دراسته في أول السطوح على أبرز الاساتذة الفضلاء الذين كان لهم الأثر على شخصيته العلمية، ثم حضر درس الأخلاق عند أفضل العلماء.

ولذلك كان هذا العالم الجليل يمتلك أخلاقًا عظيمة وعالية وتواضع رفيع المستوى مع أهل بلده ومجتمعه المحيط به.

لم تساعده الظروف للاستمرار بالنجف الأشرف، فقفل راجعا للوطن وبقي فيه مدة طويلة يواصل فيها درسه الحوزوي عند بعض فضلائها وقد قطع فيها نصف السطوح العليا.

كان ذو حكمة بارعة، ومجتهدا ذكيًا لا يفوت أياً من الأوقات إلا ويستفيد منه في تحصيل العلم. بعدها عزم على الهجرة إلى قم المقدسة وبعد ما وصل إليها بدأ في تكملة دراسته في درس السطوح، ثم التحق بالبحث الخارج وتتلمذ على يد أفضل الأساتذه، وبعدها حضر بعض بحوث الرجال كما حضر الفلسفة، و له بعض المؤلفات الحوزوية، وبعض الكتيبات الثقافية.

كان سماحته بارزاً ذكياً وهو يتلقى العلوم الحوزوية، ومن مؤلفاته التي كتبها شرح كتاب الاجتهاد والتقليد، وشرح كتاب الرضا، وشرح كتاب النكاح وصلاة المسافر وغيرها من الكتب التي تخدم الدين والمتدينين والمجتمع الإسلامي والمؤمنين، وغيرها من البحوث العلمية.

ولسماحته أيضًا مجموعة من المحاضرات التي تم إلقاؤها من خلال المنبر الحسيني أو من خلال ما كان يلقيه سماحته في أيام الجمع في المسجد أو في بعض ليالي الخميس وهي بحوث متعددة مابين عقائديه، وفكرية، وفقهيه، واجتماعية واخلاقية وروحية.

كم يحمل هذا العالم من فيض العلم الجليل والخلق العظيم، لقد وفق بين الصفتين العلم والأخلاق، قد يظن البعض أن العلم والأخلاق مفهومان منفصلان، لايمكن ان تجمعهم علامة واحدة، لكن الذي لايعلمه البعض، أن العلم والأخلاق مرتبطان ببعضهما البعض، لأن الأخلاق صفة للتعامل، وهي من صميم الإسلام، لأن الإسلام دستور للتعامل، الأخلاق تعني السلام والمسالمة والأمن بين البشر، فالإنسان بأخلاقه وتواضعه ولطافة لسانه، بل في موضع المشاجرة والإختلاف أيضا، هو دلالة على حكمته وإنتماء هذا الشخص إلى الإسلام وروحه صفة، فهي إذا من صميم الدين، من لا أخلاق له لادين له، ولا إسلام له، لأنه فقد روح الإسلام، فذهب الله بالرقة من قلبه والله لا يحب كل ذي قلب غليظ.

إذًا العلم من أهم الصفات الإسلامية التي تساعد الفرد على أن يكون إيجابياً وسط الأخرين، العلم والأخلاق من أهم عوامل رفعة المجتمع الإسلامي وسيادته وتماسكه، وهذا المطلوب بأن يكون العالم جامع بين العلم والأخلاق. العلم والأخلاق أثمن الثروات المعنوية التي يعتز بها الإنسان، هذه حقيقة لم يختلف عليها المفكرون ابدا، غير أنه: أيهما أثمن وأفضل؟ هذه مسألة اختلف فيها المفكرون والكتاب كثيرًا منذ الأزمنة القديمة إلى الآن، العلم والأخلاق توأمان لاينفصلان، فلامجال للمفاضلة بينهما أبدا، فكلًا من العلم والأخلاق يساعد الأخر ويمهد له سبل التكامل والإرتقاء، كما يساعد الإنسان على أن يكون إيجابيا في المجتمع ويمهد له سبل التكامل والإرتقاء.

وهكذا كان سماحته العلامة العبيدان جامعا بين العلم والأخلاق الرفيعة، العالم صاحب الأخلاق الكريمة يكون متفوقاً في علمه وعمله وفي خدمة المجتمع بكل أنواعها، وهذا العالم الجليل كان كذلك متفوقا يحمل فيضا من العلم والأخلاق الرفيعة، وغير هذا كانت له مبادرات خيرية وإنسانية كدعم الجمعيات الخيرية والنوادي الرياضية ومساعدة الضعفاء والمحتاجين والشباب المقبلين على الزواج، فهنيئاً لبلدتنا الحبيبة ومجتمعنا بهذا العالم المتواضع صاحب الخلق الرفيع، وفق الله سماحة العلامة الشيخ العبيدان لكل خير ونفع بعلمه المؤمنين والمؤمنات.