آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

عُشَّاق ميَّاس

زكي بن علوي الشاعر

عرفت كذا عاشق من قرية ميَّاس، وهي القرية التي ولدت فيها ودرجت، ومنهم من أدركته وأدركت حبيبته، ومنهم من أدركته وحده... ومنهم من تزوج حبيبته، ومنهم من لم يتزوجها لموتها، ثم تزوج غيرها.

وكان حب أولٰئك الذين عرفتهم عذريًّا، وكنا نستمتع بقصص ذٰلك الحب؛ بل نتمنىٰ لو نحب كما أحبوا، وضاهأناهم صغارًا، فظننا أننا كنا عشَّاقًا ومحبين مثلهم، وإن لم نعرف ما العشق؟ وما الحب؟

وأول عاشق ومحب عرفته جدي «عبد الله بزرون»؛ فقد أحب «فاطمة بنت حميد بن حسن بزرون» الذي أصله من آل ريحان الذين أصلهم من آل عصفور، ثم أقام جاسم وحميد مع الحاج أحمد، في ميَّاس، بعد أن تزوج أمهما؛ ليشرف علىٰ تربيتهما.

تزوج جدي فاطمة - رحمها الله تعالىٰ! - ولم ينجب منها، ولم يكن الطب آنذاك متقدمًا؛ ولٰكنه لم يستمع إلىٰ أحد ممن كان حوله، ورفض أن يتزوج غيرها، وكان يقول: هي حبيبتي، وأمي وأبي، وابني «ولدي» وابنتي، وهي أغلىٰ من الدنيا وما فيها! وبقي معها نحوًا من ثلاثين عامًا، لم ينظر إلىٰ غيرها، حتىٰ توفاها الله تعالىٰ.

وممن عرفتهم ابن عمتنا وكبيرنا اليوم: الأستاذ الحاج: سعيد بن أحمد بن جاسم بن حسن بزرون الذي لا يزال عاشقًا، ويغلب علىٰ ظني أن سيبقىٰ عاشقًا حتىٰ آخر رمق في حياته، أطال الله في عمره ومتعنا ببقائه.

ومن عشاق ميَّاس ابن خالنا: الحاج جعفر بن سلمان بن الحاج مكي الطراح الذي توفيت حبيبته - رحمها الله تعالىٰ! - وهي في ريعان الشباب ونضارته، وقد رأيتها طفلًا، وكانت من أجمل من رأيت... وكانت أحواله معها عجيبة؛ حتىٰ إنه كان يغيب عن الوعي، عند ذكرها، ثم تزوج بعد حين.

ومن عشاق ميَّاس الحاج عبد العظيم بن الحاج مهدي الضامن، وابن عمتنا: علي بن أحمد بن جاسم بزرون، وهو أخو سعيد الذي سبق ذكره.

ومنهم خالي: الحاج الأستاذ حسين بن عبد الله بن أحمد بزرون، وهو الذي علمني قول الشعر، وتلقيت منه كثيرًا من الفنون، ولم يفلح معي في المهن والصناعات؛ لانصرافي عنها إلىٰ علوم العربية، ورغبتي في الالتحاق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف التي لم تيسر.

ومن العاشقين: الحاج جمال بن الحاج عبد الرسول الضامن الذي أدركناه يغيب عن وعيه، كما هو حال الحاج جعفر الطراح السابق ذكره.

ومنهم... ومنهم... ولٰكن قل من يعرفهم كلهم، أو يعرف بعضهم، أو يعرف أحدًا منهم اليوم.

ما أجمل حب الميَّاسيين وأعذبه! وما أقسىٰ ما انتهىٰ إليه!

وأنا لم أذكر أحدًا ممن أحبهن هٰؤلاء العاشقون؛ لأن المجتمع يعيب ذٰلك.. وقد أروي سيرهن لبعض ولدي، ويبقىٰ تاريخًا شفويًّا، حتىٰ يأذن الله تعالىٰ.