آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:20 م

وصايا ميكافيلي ونصائح علي (ع)

المهندس أمير الصالح *

‏ - انتبه من أولاد: الشارع / أبليس/ أصدقاء السوء

- انتبه على: صحتك / نفسِك / أموالك / بيتك

- إلبَس جيدًا فالطقسُ بارِد/ حار

- اكل جيد واشرب كمية كافية من الماء يوميا

- لا تشرب مشروبات غازية /الصودا

- هل أكلت / نمت جيدا؟!

- لا تسهر، لا تهمل واجباتك، لا تنسى تنظف اسنانك / لا تنسى صلاة الفجر

- نظف اسنانك قبل النوم واول ما تجلس

- ابعد عيونك عن التلفاز

- طمني عليك فور وصولك البيت / الشقة / محطتك الاخيرة في السفر

جُمل سمعناها الآلاف من المرات من أفواه أمهاتنا وآبائنا. ومنذ أدركنا بقوانا العقلية معان وأساليب التلميح والتصريح، فهمنا مقاصد آباءنا وآمهاتنا وما كانوا يرومون إليه من تلكم التعابير السابقة والتي أطرقت مسامعنا في طفولتنا. وكانت الترجمة الحقيقية لما كانوا يودون البوح به هو: ”بُني / أبنتي: أنا أُحبك واخاف عليك“ ولكن بطُرقٍ مختلفة.

كان البعض منا يتذمر من كثرة سماع تلكم الجمل والتعاليم التي يصدرها الوالدان. بل تبنى البعض سماع من هم مغررين بهم وصدوا عن السماع لنصائح والديهم. وكان ‏البعض منا حينذاك يفهَم ويتفاعَل، وبعضنا الآخر يُجيبُ حرفيًا ظنا منه أنّها أسئلة فعلاً!

في زمننا الحاضر، أضحى وقت الكثير من المراهقين أكثر استنزافا في السوشل ميديا والتواصل الرقمي والعالم السيبراني والمقاهي. وكانت مفردة الحرية الفردية هي المطية الأكبر ايحاءا للتغرير بهم في ولوج بأواب الشياطين. فانغمس البعض بسبب مقارنة ما عنده وما عند غيره إلى الحد الذي انعدم فيه الشكر منه لله على ما في يده. وغُرر بالبعض إلى الحد الذي وصل به إلى عدم الاكتراث بعواقب الأمور والاعتقاد منه بدوام الحال في صحته وماله وشبابه فانساق خلف شهواته. فلا نصيحة من والداه يسمع ولا إرشاد من حكيم يصغى ولا كتاب هدى يقرأ ويتفاعل ويطبق.

في عالمنا نحن الأكبر سنا من الشباب، عندما قرأنا كتاب ”الأمير“ لميكافيلي والذي أحكم رسم قوانين وأدوات وخطط المكر والخبث والدهاء للسيطرة على الآخرين بالباطل. تبنى مقاصده وأفكاره وإرشاداته، مع شديد الأسف الكثير، الأغلب من الدهاة عبر العصور ليسيطروا بالبغي والجبروت والترهيب والاغواء على الآخرين. وقد شهدنا ونشاهد وسنشاهد ما آلت اليه امور بعض الناس في بقع عديدة حول الارض، جراء تبني بعض مدراء ورؤساء شركات وقادة تجمعات في التاريخ القديم والحديث لقوانين ميكافيللي المشؤومة. لا سيما ارشاد ميكافيللي الاناني والنرجسي والانتهازي والذي محوره ”الغاية تبرر الوسيلة“ وتطبيقاته الكارثية في عالم المال والاعمال والادارة والحكم وبيع الاجساد والاغواء والاغراء وغيرها من الأمور. تذهل نفسي بفشل الكثير في رفض هكذا وصايا واستحكام تطبيقاتها بين أهل الدنيا ومحبيها. بل أرى تلميع البعض لوصايا ميكافيلي!! وعندما اقرأ في المقابل اقوال وحكم ومواعظ ووصايا الامام علي المدونة في كتاب ”نهج البلاغة“ وكتاب ”عيون الحكم والمواعظ“، واشاهد الاجتهاد من الامام علي في بذل النصيحة وبلاغة الارشاد وبيان المراد ومشاركة التجارب لكل بني البشر عبر الزمن ازداد اعجابا وحبا له. ولك أخي القارئ، ان تقرأ لتتحقق بنفسك. وفي الحقيقة، صدود وحجب وتظليل وأخفاء متعمد من البعض أو خلق مغالطات أو إثارة شكوك أو صرف الناس عن أقوال الامام علي بن ابي طالب لتغييب حِكمه ومواعظه امر يدعو للحيرة والتساؤل عن النيات. والواضح وضوح الشمس بأن هناك استعلاء لمحبي حطام الدنيا وكارهي اهل الصلاح واصرار منهم لتضليل الاجيال الصاعدة باتخاذهم تعاليم وقوانين ميكافيللي كمرتكز واسلوب ادارة حياة وقوانين فرض سيطرة. وفي المقابل نرى مضامين وصايا الامام علي وما تفضي اليه من رصانة وعلم ووقار وألفة ومودة وحفظ حقوق وصيانة كرامة بين بني اليشر كافة. ونحن على ابواب شهر رمضان المبارك، لعل من الجيد ان يخصص كل منا بعض الوقت لقراءة وتامل مقاصد وارشادات ما ورد في كتاب ”نهج البلاغة“ وكتاب ”عيون الحكمة والمواعظ“ إلى جانب قراءة القرآن الحكيم بدل تقمص شخصيات محتوى كتاب الأمير لميكافيللي. وهمسا تقول لمن يطلب الدنيا والاخرة، أتريد أن تحشر يوم المحشر في زمرة علي أم في زمرة ميكافيلي وشاكلته!